يقوم المركز الوطني للتقويم والقياس على مدار العام بعدة اختبارات إجبارية للطلاب والطالبات بمقابل مادي لعدة أهداف منها القدرة على الاستنتاج، والفهم، وحل المسائل الرياضية، وتعتبر نتيجة الاختبار ذي الثلاث ساعات الفيصل في مسيرة الطالب والطالبة حيث تحصد نسبة 70% من معدل النسبة المركبة للقبول في الجامعات لغالبية التخصصات بينما تحصد نتيجة الثلاث سنوات في الثانوية بمعدل30% فقط!
كما يحدد نسبة اجتياز الاختبار للجامعيين المتقدمين للدراسات العليا نسبة 70% كحد أدنى، وما أن يجتاز الطلبة كل هذة الاختبارات حتى يقابل باختبار آخر تشترطه بعض الجهات الحكومية للمفاضلة الوظيفية. كما تأتي هذة الاختبارات متجاهلة بعض الشيء الجهود المبذولة من المعلمين داخل الصفوف المدرسية وعدم الأخذ بالاعتبار اختلاف طبقات القدرة لدى الطلاب بمختلف مناطق المملكة.
وهذا المنطق قد يجرنا إلى عدة أسئلة: هل أعدت هذة الاختبارات المتتابعة لعدم الثقة في مخرجات التعليم العام والتعليم الجامعي والقدرات الفردية للطالب ليتم اختزال جهد السنوات الدراسية في ثلاث ساعات تكون هي مفترق الطرق الذي لا مفر منه؟!
وما السبب المبرر لأخذ النسبة الأكبر من المعدل لاختبار القياس لا من النسبة المدراسية؟
ولماذا يكون الاختبار موحد الأسئلة في جزئين كمي ولفظي مع العلم بأنه لا يعكس المستوى الذي يقدم بالمدارس؟
ولماذا التعقيدات المتواجدة في شروط الاختبار من عدم إحضار وسائل مساعدة كالحاسبة وحصر إجابة السؤال في دقيقة واحدة وعدم مراجعة أسئلة الاختبار قبل التسليم والتوقيع على تعهد خطي؟! وكأن الطالب يقوم بجرم بحد عينه مع العلم أن المركز بنفسه يقوم بإعداد دورات تدريبية على طبيعية الأسئلة مما يشكل تناقضاً في عدة نقاط حول الاختبار!
كما أنه من الجدير بالذكر تصريح نائب المركز الوطني للتقويم والقياس في إحدى المقابلات عام 2014، إذ قال: «من أسباب وجود اختبار القياس من الناحية العلمية هو كون وجود نسبة كبيرة من الطلبة بحوالي 12 ألف حاصلين على نسبة مئوية بمعدل 100%، وبالتالي قد لاتستوعبهم الجامعات وكثرة الطلب على بعض التخصصات القوية كالهندسة وغيرها وكأن هذه التخصصات محصورة على الطلبة المتفوقين فقط، ومن هذا المنطلق تم فرض اختبار القياس ليقيس الدرجة الحقيقية للطالب، كما أن الطالب الحاصل على 100% من مجهوده الشخصي لا يعيقه الاختبار». ا.هـ.
ولعلي أستنتج من قول الأستاذ نائب المركز أنه بدلا من افتتاح جامعات ومعاهد أخرى لاستيعاب الطلبة الخريجين، فقد تم وضع اختبار يحل هذه المسألة ويحصر عدد المقبولين في الجامعات وبالتالي تقل التكلفة!
كما أنهم ركزوا على الطالب صاحب المعدل الكامل متجاهلين بعض الطلبة الذين تقل نسبتهم عن ذلك بكثير واللذين تؤثر نسبة اختبار القياس عليهم سلبيًا مما يجعلهم يجلس في المنزل كون نسبتهم بالقياس لا تؤهلهم لدخول الجامعة، وكأن الجامعات وضعت فقط للطلاب المتفوقين دراسيا.
وهذا المنطق غير صحيح جملة وتفصيلاً، والدليل على ذلك اختلاف وتنوع التخصصات في الجامعات، فلكل طالب موقعه الذي يستحقه وميوله التي ينجذب إليها، فليس كل الطلاب يرغبون بالطب والهندسة والرياضيات والتقنية، فلا بد أن يكون هناك المعلم والطبيب والشرطي والمزارع والمكيكانيكي والمعماري لتستمر عجلة التنمية داخل البلد.
وبعد سنوات عانى منها بعض الطلاب وقد ظلم بعضهم ولم تتح الفرصة للبعض الآخر؛ صرح أحد المسؤولين بوزارة التعليم أنه يجب إعادة النظر كليا في اختبارات القياس بسبب عدم تحقيقها للأهداف التي وضعت من أجلها.
من هنا أود أن أوجه رسالة بأن غالبيتنا إن لم يكن جميعنا لسنا ضد مركز القياس ولا فكرة الاختبارات، لكن لابد أن يتم الأخذ بالاعتبار العديد من الأمور كالعدل والمساواة والمستويات التعليمية والقدرات الشخصية، وتسهيل التعقيدات ومراعاة محصلة الدراسة مقارنة بمحصلة القياس، وأن يكون اسماً على مسى «قياس» وليس «اختيار».
وختاما بلادنا ولله الحمد تزخر بالشباب الواعي والمتفوق والمبتكر والمجتهد والمتميز في شتى المجالات، وكلنا ثقة بالجهود المبذولة لنرتقي ببلادنى إلى مصاف الدول المتقدمة في العالم بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهم الله وسدد خطاهم.
عبدالملك القباع
عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية
Add new comment