تضمنت رؤية المملكة 2030 أن هدف الدولة هو إتاحة التعليم الجيد وفق خيارات متنوعة. وفي هذا السياق فإنه من الأهمية بمكان أن نحصل على إجابة عن السؤال: «لماذا يعد إدراك رضا الخريجين عن المؤسسة التعليمية أمرًا مهمًا؟»
لقد ذكر الباحثون العديد من النقاط التي تمثل إجابة على هذا السؤال. فثمة من يرى أن رضا الخريجين عن أداء المؤسسة التعليمية يعتبر أداة مفيدة في تطوير عملها، ومن ثم في زيادة القيمة المدركة التي يتحصل عليها طلابها وخريجوها. حيث يستخدم هذا الرضا في تبرير طلبات رفع ميزانيتها، وفي التسويق لها بين الطلاب، كما يستخدم لإثبات العائد من الاستثمارات التي بذلت فيها، فضلاً عن تقديم البرهان على قيامها بالمسؤولية التعليمية الملقاة على عاتقها.
لذا، فتحرص المؤسسات التعليمية على تقييم جودة البرامج التي تقدمها ودرجة فعالية المدربين والمعلمين الذين ينتسبون إليها بواسطة خريجيها، باعتبار أنهم يمثلون أصحاب المصلحة الرئيسيين فيما تقدمه من خدمة تعليمية.
وتعتبر أسباب رضا المتعلمين من الطلاب عن البرامج التعليمية أثناء انتظامهم في المؤسسة التعليمية هي نفسها أسباب رضا الخريجين عن أداء هذه المؤسسة بوجه عام، حيث لا يتصور أن يكون هناك حالة من عدم الرضا عند الطلاب أثناء تواجدهم فيها، ثم يكونون راضين عنها بعد التخرج منها. ولكن ينفرد الخريجون ببعد آخر للرضا ليس موجودًا لدى الطلاب، وهو مدى الاستفادة من البرامج التعليمية - التي انتظموا فيها - في سوق العمل.
وقد حاول الباحثون في دراساتهم قياس رضا الخريجين عن المؤسسات التعليمية التي تخرجوا منها، واختلفوا، ما بين دراسة وأخرى، في الأبعاد التي تشكل في مجملها محددات لهذا الرضا. وقد تلاحظ أن التطور الشخصي والفكري هما أهم محددات رضا الخريجين وفقًا للعديد من هذه الدراسات. وثمة من اعتبر أن البيئة الفكرية والمعرفية التي توفرها المؤسسة التعليمية والإعداد الوظيفي للطلاب الذين يلتحقون بها هما عاملان رئيسيان في تحقيق رضا الخريجين. وهناك من اقترح ثلاثة أبعاد مهمة لجودة الخدمة التعليمية، ومن ثم لرضا الخريجين، في مؤسسات التعليم العالي، وهي تصميم المقررات الدراسية، وهيئة التدريس، وبيئة التعليم.
وثمة من يعتبر أن الخريجين هم أهم أصول المؤسسة التعليمية، لأنهم يمثلونها في سوق العمل، كما أن إنجازاتهم تنعكس بشكل مباشر عليها. لذا، فإن أي تحسينات على جودة الخدمة التعليمية المقدمة تؤدي تلقائيًا إلى تحسين القيمة المدركة لشهادة الخريجين، وإلى تحسين صورة المؤسسة التعليمية وزيادة جاذبيتها للطلاب. ومن ثم فينبغي أن يظل الخريجون على إطلاع على رؤية المؤسسة التعليمية وأولوياتها وأن يشاركوا فيها، بحيث تنشأ علاقة تآزرية فيما بينهما. فهم بذلك لا يزيدون من قيمة ما تقدمه من خدمات تعليمية لسوق العمل فحسب، بل ويجلبون تجربة العالم الواقعي إلى طلابها.
إن الخريجين هم سفراء المؤسسة التعليمية في المجتمع، بل هم أفضل هؤلاء السفراء.
أ.د جبريل بن حسن العريشي
عميد عمادة التطوير والجودة
عضو مجلس الشورى السابق
Add new comment