تتعدد الطرق التي من خلالها يتم تأكيد موثوقية نتائج الدراسات البحثية، وإحدى هذه الطرق هي استخدام المنهج المختلط، الذي يتم فيه استخدام المنهجين النوعي qualitative والكمي quantitative معًا بغرض تحسين مخرجات الدراسة البحثية. وفي هذا الإطار، يتم استخدام اللغة الإحصائية في فهم مشكلة الدراسة وتحليلها في إطار المنهج الكمي، وفي ذات الوقت يتم استخدام كلمات اللغة العربية نفسها - في سياق المقابلات الشخصية واجتماعات المجموعات البؤرية focus groups لزيادة فهم نتائج الدراسة- وذلك في إطار المنهج النوعي، بما يعني أن الكلمات تكتسب نفس الأهمية التي للأرقام الإحصائية عند تحليل النتائج وعرض الاستنتاجات وتقديم التوصيات. ويؤدي هذا التوجه إلى تناول مشكلة الدراسة من منظورات مختلفة، مما يحقق فهمًا أفضل لأبعادها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الصلاحية الإجمالية لتصميم البحث يتم تأكيدها من خلال استخدام أكثر من طريقة لجمع البيانات عن نفس الموضوع، مثل استخدام الاستبانة والمجموعات البؤرية، كلاهما معًا، حيث إن ذلك هو أحد طرق تأكيد الموثوقية. فالمزج بين أنواع البيانات، والمعروف باسم تثليث البيانات، يعتبر أداة لتأكيد صحة الادعاءات التي قد تنشأ عن دراسة تجريبية واحدة.
وفي الدراسات الكمية، فإن الموثوقية هي مؤشر لمستوى الاتساق في أداة جمع البيانات، وهي الاستبانة، والذي يدل على قدرتها على قياس المتغيرات قيد البحث بشكل صحيح. وتعتبر القياسات ذات موثوقية إذا تم الحصول على نفس النتائج عند إجراء نفس القياسات أكثر من مرة على نفس عينة الدراسة.
ومن أجل أن تمثل الدراسة إضافة إلى المعرفة التي تتعلق بموضوعها، فهناك اعتبار مهم آخر وهو صلاحية الاستنتاجات. فلكي تكون الاستنتاجات صالحة، ينبغي أن يتم صياغة المتغيرات المقاسة بطريقة تسمح بتعميم نتائجها في مواقف مختلفة وسياقات أخرى غير تلك التي تمت فيها الدراسة.
لذا، فلتأكيد الصلاحية الظاهرية لأداة جمع البيانات- وهي لاستبانة، فإنه يتم عرضها على مجموعة من المحكمين والخبراء من ذوي الخبرة والاختصاص لإبداء الرأي فيها من حيث وضوح العبارات «واضحة، غير واضحة»، والانتماء «منتمية، غير منتمية»، والأهمية «مهمة، غير مهمة»، ومدى وملاءمتها للمحاور، ويتم ضبطها وتعديلها في ضوء تعليقاتهم.
أما في الدراسات النوعية، فلضمان موثوقية وصلاحية البيانات التي يتم الحصول عليها، فإنه يتم طرح الأسئلة الإرشادية - التي يتم استخدامها لتوجيه النقاش في المجموعات البؤرية أو المقابلات- على مجموعة من الخبراء للتحقق من وضوحها، وللتأكد من أنها تقيس حقًًا ما يقصد قياسه.
إضافةً إلى ذلك، فإن الموضوعات التي يتم مناقشتها في إطار تلك المقابلات أو المجموعات البؤرية ينبغي أن تتم بصورة تلقائية، أي دون تخطيط مسبق من الباحثين الذين يقومون بالدراسة، بمعنى أن تكون النتائج التي يتم الوصول إليها ذات صلة بالأمور التي يتم طرحها في ساحة النقاش وليست سابقة الإعداد، وهو ما يزيد من موثوقيتها. فضلاً عن ذلك، فإن التسجيل الصوتي لما يدور في الاجتماعات، ثم تفريغ التسجيلات، وقراءة النتائج عدة مرات للتأكد من عدم وجود سوء فهم أو سوء تفسير لما طرح من آراء، هي كلها إجراءات تؤكد على موثوقية النتائج التي يتم الحصول عليها في هذا النوع من الدراسات.
أ.د جبريل بن حسن العريشي
عميد عمادة التطوير والجودة
عضو مجلس الشورى السابق
Add new comment