ما التحديات التي تواجه الكتابة للطفل؟

ثقافية رسالة الجامعة تسأل:

رسالة الجامعة - أريج السويلم

تجيب الباحثة أفنان المسلم من قسم اللغة العربية وآدابها والمتخصصة في مجال الكتابة للأطفال قائلة :

 في ظل وجود منظومة ثقافية واسعة تشهد تحولًا غير مسبوق، ووجود جيل يعبر التاريخ بإمكاناته غير المحدودة، وبتطبيقات تملأ الهواتف الذكية بقصصها المتنوعة وحواراتها المتفاوتة أصبحت الكتابة للطفل وعنه مهمة شاقة لا يتصدى لها إلا الشغوفون القارئون عن احتياجات الطفل ومستلزماته في مراحل عمرية متباينة في عصر أصبحت فيه الكتابة ليست بيت الفكر الأول؛ بل هناك قنوات أخرى تزوده بما قد لا تزوده بها الكتابة الحذقة لذا نحن أمام حاجتين ملحتين أولهما: كيف نجذب الطفل؛ لتكون القراءة جزءًا من عاداته اليومية؟ ثانيهما: كيف نكتب عنه كتابة يشعر فيها بأننا أحد أقرانه الذين يعيشون معه في البيئة التي تحمل الثقافة السعودية بمضامينها المختلفة، وبالمستوى اللغوي والإدراكي الذي يتناسب مع سنه، وبالموضوعات التي يبحث عنها، وقد يجد فقرًا فيها خاصة في المحتوى العربي المقدم والمعروض في المكتبات العامة والمحلات التجارية؟

     وهذا كله يقودنا إلى طرح عدد من الأسئلة أولها: هل هناك معايير صارمة للكتابة عن الطفل تختص بكل مرحلة معينة أم هي اجتهادات يطرحها المحكمون في المسابقات السنوية أو الدولية الخاصة بأدب الطفل؟ وإن كان ثمة معايير لماذا لا تعمم وتوثق بحيث يستفيد منها الباحثون والكتاب؟    

ثانيها: هل تختلف كتابة المرأة عن كتابة الرجل في الإنتاج المقدم إلى الطفل بحيث نستطيع القول بأن لكل منهما سمات خاصة؟ هذا السؤال لا نستطيع الإجابة عنه إلا بعد استقصاء للبحوث التي كتبت في هذا المجال، وتهتم بالتمايز اللغوي والجندري الذي قد يخرج منه الباحثون بنتائج غير متوقعة، وقد يتبين بعد البحث العكس، أي أن لا فرق بينهما نسبيًا بحيث قد نتصور أن المرأة قد تنجح في الكتابة عن الجوانب التي تختص بالأطفال الإناث أكثر من الرجل، ويكون ذلك غير صحيح.

ثالثها: هل هناك مبادرات من الجهات الحكومية بما يندرج ضمنها من وزارات وهيئات ترتبط بمجالات متعددة لإعداد مشاريع كبرى تخدم لغة الطفل في التعليم والثقافة والصناعة والزراعة والاقتصاد والطاقة وغيرها؟

رابعها: هل يستفيد الذي يكتب للطفل من نتائج الأبحاث التربوية واللغوية والأدبية التي تصدر من الجامعات؟ وهل الدورات أو البرامج التدريبية اليوم نعتقد أنها وافية وكافية لإعداد نخبة من الكتاب المميزين للطفل أم أنها اجتهادات شخصية أو تنهض على جهود فردية تظل إمكاناتها محدودة؟

وهل المكتبات المدرسية محدثة بالكتب التي تعزز المفاهيم الإنسانية والوطنية الكبرى لدى الطفل أم أن رفوفها قائمة على الكتب القديمة والحكايا الأسطورية التي باتت أكثر استهلاكًا وحفظها الطفل وسئم منها؟

هذا بالإضافة إلى عدم وجود منصات مخصصة لإبداع الطفل تلبي احتياجاته خارج إطار المؤسسات التعليمية والنشاطات المقننة والمحددة بوقت قصير تنتهي بانتهائه، كما أن مساحات القراءة التي تُعقد بعيدًا عن الدرس الصفي الذي يقرأ فيها الأطفال قصصًا للشخصيات التي يحبونها أو لها بصمة في نفوسهم قليلة بل نادرة. وعندما نذهب إلى أبعد من ذلك ونرى هل تاريخ المملكة العربية السعودية العريق والأبطال الذين صنعوه حاضر في الكتابة عن الطفل، وهل يعرف الطفل عنه كثيرًا؟

إن وجود نتاج تاريخي رصين غير مسطح للقيم والشخصيات التي تركت لنا أثرًا في هذه البلد العظيمة كفيل بأن يخلد التاريخ في ذهن الطفل، ويسمعه للآخرين عن ظهر غيب. 

ختامًا هل نحن قادرون اليوم على توعية الطفل بحقوقه الدينية والاجتماعية والوطنية بعيدًا عن أسلوب التحذير والوعيد والإغراء والتحضيض؟ 

الإجابة عن كل هذه الأسئلة تطول وتحتاج إلى حقائق مبرهنة بالأرقام والتجارب والإحصائيات، ومجهود فردي مهما علا شأنه يظل قاصرًا عن تحقيق كل ذلك؛ لذا نحن بحاجة إلى هيئة لثقافة الطفل تتولى مسؤولية الإشراف على كل ما ذكر بمعية التربويين واللغويين والأدباء والمتخصصين بعلم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ والحضارات والمكتبات ومن لهم باع طويل في الكتابة القصصية فطموحنا اليوم عنان السماء، وأطفالنا اليوم هم قادة المستقبل الذين نستثمر في عقولهم الاستثمار المعرفي الأكبر لينعكس ذلك كله على تنشئتهم، وليكون أبناء المملكة قادرين وواعدين، ويتغنون بثقافتهم السعودية أجمل مغنى.

0
No votes yet

Add new comment

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA