كيف تؤثر الكيماويات الزراعية على البيئة؟

 

 

يمكن للكيماويات الزراعية مثل المبيدات -إذا استُخدِمت بشكل صحيح وآمن حسب ما هو موصى به من الجهات ذات العلاقة- منع ومكافحة الآفات والأمراض والأعشاب الضارة لحماية المحاصيل الزراعية وزيادة إنتاجها، وعلى الرغم من ذلك فإنه تصل كميات صغيرة فقط من المواد الكيميائية السامة إلى الآفات والأمراض والأعشاب المستهدفة أثناء عمليات الرش؛ ويتسبب المتبقي من هذه الكيماويات في تلوث التربة والهواء والنبات والماء، كما أنه يلحق الضرر الكبير بالكائنات الحية المفيدة في النظم البيئية.

وعلى الرغم من أن المبيدات الزراعية يمكن أن تخلص النباتات بشكل فعال من الآفات والأمراض والأعشاب الضارة، فإن هذا ليس هو الحال دائما - خاصة عند الإفراط في استخدامها، فالآفات الزراعية مثل الحشرات ستبدأ بشكل طبيعي في التكيف مع بيئتها -إما عن طريق الهجرة إلى منطقة جديدة، أو التحور الجيني- حتى تتمكن من البقاء على قيد الحياة في ظل الظروف السامة، ويمكن لتحور الحشرات أن يجعلها مقاومة لمبيدات الآفات، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة عدد الآفات، التي تؤدي في النهاية إلى خلل في التوازن الطبيعي بين الآفات والأعداء الطبيعية في النظام البيئي.

ومن ناحية الأسمدة مثل النيتروجين الذي يُعَد عنصرا ضروريّا لنمو النبات وتطوره فإنه يُحصَل عليه عن طريق التثبيت الحيوي -كما في حال البقوليات- أو عن طريق التثبيت الصناعي لإنتاج الأسمدة النيتروجينية، على أن أغلب النيتروجين الموجود في التربة يكون في صورة عضوية ويحتاج إلى أن يتحول إلى صورة غير عضوية عن طريق تحلل المادة العضوية، وتقوم الكائنات الحية الدقيقة وبالأخص البكتيريا الموجودة في التربة بهذا العمل؛ لذلك تلعب أحياء التربة الدقيقة دورا رئيسا في خصوبة التربة وجودتها، وتيسر العناصر الغذائية فيها، ويؤدي تلوث التربة بالكيماويات الزراعية إلى الإخلال  بالتنوع الحيوي في التربة وبالنشاط الميكروبي فيها، مما يؤثر لاحقا على جودة التربة وإنتاجيتها. 

وتلعب ديدان الأرض كذلك دورا مهما في تحسين جودة التربة وخصوبتها من خلال عملها على تحلل المواد العضوية في التربة، بالإضافة إلى تكسير بعض الملوثات العضوية التي تدخل نظام التربة، وتقوم الديدان بدور مهم كذلك في تحسين الكثير من خواص التربة الفيزيائية والكيميائية مما يزيد من إنتاجيتها، وعلى الرغم من ذلك، فإن الإفراط في استخدام المبيدات الزراعية قد ينتج عنه تأثير سلبي على  ديدان الأرض مما يعيق دورها في تحسين خواص التربة.     

أما الهواء، فللمبيدات الحشرية القدرة على تلويث الهواء الذي يؤثر في صحة الإنسان والحيوان والنبات، فعند الرش بالمبيدات، تتسبب الرياح القوية في وصول المبيدات إلى مناطق بعيدة عن منطقة الرش. ويمكن لهذا أن يسبب تأثيرا سلبيّا مضاعفا على النظم البيئية عندما تنجرف إلى النباتات والحشرات والأجسام المائية القريبة، ويمكن للمواد الكيميائية الزراعية أن تعرض الملقحات المهمة -مثل النحل- لمبيدات الآفات، ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان الأنواع النباتية بسبب عدم وجود مجموعات كافية من الملقحات، كما يمكن أن تتعرض الماشية والطيور والحيوانات الأخرى للمواد الكيميائية الزراعية في الهواء عن طريق الاستنشاق، أو امتصاصها من خلال جلودها، أو تناولها من خلال التغذية بالنباتات الملوثة. 

وعلى الرغم من أن هذا التعرض نادرا ما يكون مميتا للحيوانات الكبيرة، فإنه يمكن العثور على مستويات عالية من المبيدات في لحوم الماشية المستخدمة للاستهلاك البشري، كما يؤدي الاستخدام المفرط للمبيدات الحشرية إلى ارتفاع معدل نفوق بعض الحيوانات الصغيرة مثل الطيور، ويمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط للكيماويات الزراعية إلى تلوث المياه الجوفية؛ ومن ثَم فإن الاستخدام الصحيح حسب ما هو موصى به لهذه الكيماويات يقلل من الآثار الجانبية لها على أنظمة البيئة المختلفة.

 

د. هتان بن أحمد الحربي

كلية علوم الأغذية والزراعة - قسم وقاية النبات

0
No votes yet

Add new comment

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA