كرسي الأدب يعقد لقاء عن الأمير بدر بن عبد المحسن

 

 

رسالة الجامعة - قماش المنيصير - إيمان الشهري:

عقد كرسي الأدب السعودي يوم الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 هـ  الماضي لقاء علمي عن صاحب السمو الملكي الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن -رحمه الله- المعروف في الساحة السعودية والعربية بأنه أحدُ أبرز روَّاد الحداثة الشعرية في الجزيرة العربية، وفارس الكلمة، بعنوان «بدر بن عبد المحسن: أيقونة الشعر السعودي»،

انطلق اللقاء بكلمة المشرف على كرسي الأدب السعودي د. إبراهيم الفريح تحدث عن البدر وتجربته الشعرية المؤثرة قائلا:(يشرفني ويسعدني الترحيب بكم في هذا اللقاء العلمي الذي يقام تكريمًا لذكرى شاعرنا الراحل مهندس الكلمة الأمير الإنسان بدر بن عبدالمحسن، حيث نجتمع اليوم لنتأمل إبداعه الشعري وأسلوبه الأدبي الفريد ونتاجه الزاخر، ونسلط الضوء على جوانب مما قدمه من إرثٍ أدبي خلد اسمه في ذاكرة الأدب، فقد كان البدر قامةً شعريةً سابقة ونجمًا ساطعًا في سماء الشعر العربي، وأسهم إسهامًا عميقًا في إثراء المشهد الأدبي السعودي و العربي، إذ لامست كلماته قلوب الناس وعبرت عن مشاعرهم وآلامهم وأمالهم، فقد تناولت قصائدة موضوعات متنوعة من الحب والحنين والوطن والألم والأمل مظهرًا قدرته الفائقة على تجسيدِ الأحاسيس الإنسانية بأبسط الكلمات و أعمقها في نفسه، لقد استطاع بموهبته الفذة أن يمزج بين الأصالة والمعاصرة والتقاليد والحداثة، مما جعل شعره مدرسةً أدبيةً مستقلة تستلهم منها الأجيال القادمة وتفتح آفاق للباحثين للدرس والتأمل و البحث، ثم أشار إلى بعض مبادرات الكرسي ومشاريعه، وأعلن عن إطلاق نشرة تناص البريدية المهتمة بالأدب السعودي. جاء بعده عرضٌ مرئي تعريفي عن كرسي الأدب السعودي.

وشارك في اللقاء الذي أداره الدكتور أحمد معيدي الأستاذ في قسم الإعلام الأستاذ الدكتور هاجد الحربي، متحدثًا عن (خصوصية التجربة الحداثية في شعر بدر بن عبد المحسن)، مشيرًا إلى أن قضية التجربة الحداثية في شعر بدر بن عبد المحسن لم تعد موضوع مراجعةٍ أو نقاش لدى نقاد الشعر ومتابعيه ومتذوقيه، ولكنه أصبح وسمًا خاصًا تميزت به كتابته الشعرية. ويقول: مع كل هذه المصادقة والتأكيد عليها إلا أن تلك التجربة الحداثية تحتاج إلى مزيد متابعة نقدية فاحصة ومتمكنة؛ لأنها كُتبت في مستوى لُغوي مختلف عن المستوى المألوف في دراسات نقاد الحداثة وكتابها. وأضاف: ومن هنا ندرك أن تجربة البدر الحداثية تحتاج إلى ذائقةٍ نقديةٍ خاصة تدرك بوعي ثقافي مكتمل صيرورة التطور والتحول في الشعر الشعبي من قالب التقليدية إلى قالب الحداثة والتجديد، مؤكدًا أن هذا التمهيد الإجرائي يدفعنا إلى التوقف عند بعض الممارسات التطبيقية لتكون نواة دراسات ومتابعات تحليلية تتعمق في تجربة بدر بن عبد المحسن الشعرية، والانطلاق منها إلى دراسة الشعر الشعبي وفق معطيات نقدية وثقافية راسخة.

من جانبها تناولت الأستاذ الدكتور أمينة الجبرين موضوع (استدعاء التعابير الاصطلاحية النجدية في ديوان البدر)، وأكدت فيه أن نجدًا تحضر في شعر البدر بتفاصيلها كافّة؛ حرّها وبردها، حاضرتها وباديتها، أشجارها ونخيلها، جمالها، وخيولها، لهجة أهلها، وأحاديث أسمارهم، ورصدت ورقتها البحثية استدعاء التعابير الاصطلاحية النجدية في ديوان البدر. موضحةً أن التعابير الاصطلاحية مجموعة الكلمات التي تكوّن بمجموعها دلالة غير الدلالة المعجمية لها، مفردةً ومركبة، وهذه الدلالة تأتيها من اتفاق جماعةٍ لُغوية على مفهوم تُحمّله لهذا التجمع اللفظي، وتكوين التعبير الاصطلاحي قائم ٌعلى سلسلةٍ من الكلمات التي تُقيِّدها عوامل دلالية وتركيبية تجعل منها وحدة دلالية جديدة.

من جهة أخرى شاركت الدكتورة ميساء الخواجا بورقةٍ عنوانها (تشكيل الصورة في ديوان « لوحة.. ربما قصيدة « لبدر بن عبد المحسن)، وبينت فيها اختلاف الدارسين منذ القدم في تحديد جمالية القصيدة ومكامن شعريتها، لكن الصورة ظلت أحد العناصر البارزة والرئيسة في تناول تلك الشعرية. وبينت أن الصورة الشعرية تظل محكومة بالبعد اللغوي في المقام الأول، فهي تشكيل قوامه الكلمات، وتبنى على اختيار الشاعر للألفاظ وتركيبها على نحو مخصوص. ولأجل ذلك أكدت أن الصورة تتصف بتعدد العناصر واختلاف الآليات لكنها تظل صياغة خاصة للغة، وإحدى جمالياتها هي في إعادة صياغة العالم وتمثيله بصورةٍ جديدة مبتكرة تثير دهشة المتلقي، وتعيد صياغة علاقته مع العالم. وقالت: لعل أول ما يطالع قارئ شعر بدر بن عبد المحسن هو هذا التشكيل الجديد والمختلف للصورة الشعرية، ومن ثم تسعى هذه الورقة إلى قراءة ملامح تشكيل الصورة في ديوان « لوحة.. ربما قصيدة»، والنظر في بعض أنماطها مثل: التشخيص والتجسيم والتشكيل الحركي وبناء المفارقة والانزياحات اللغوية، إضافة إلى الصور البيانية القائمة على التشبيه والاستعارة، وهو ما أضفى على قصائد المجموعة شكلًا من أشكال الرسم بالكلمات يرفده عنوان المجموعة، والجمع بين الشعر والتشكيل على امتداد صفحاتها، وبنى للقصيدة شاعريتها المتجددة مع كل القراء.

واختتم اللقاء بمشاركة الأستاذ سعد المطرفي الذي تحدث في ورقته عن (الأسلوب الشعري للأمير بدر بن عبدالمحسن)، وقال: «تتناول هذه الورقة الأسلوب الشعري للأمير بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله- شكلًا ومضمونًا، وتناولت أسلوبه السهل الممتنع في التراكيب، والمعجم الراقي الذي يتجاوز الفروق اللهجية، والمعاني الدقيقة التي كان يلتقطها ويحيلها إلى صورٍ جمالية بديعة، والذاتية التي تظهر بجلاءٍ في نصوصه، كما تطرقت إلى ريادته في تجديد الشعر الشعبي؛ إذ يعد من رموز الحداثة الشعرية في المملكة، وأثر تلك التجديدات في تغيير مفهوم الشعر الغنائي وتحديثه».

ومن الجدير بالذكر تخلل اللقاء عدد من المداخلات بعد تقديم الأوراق العلمية وانتهت بتكريم عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والدكتور الفريح للأستاذ الدكتور صالح معيض الغامدي المشرف السابق على كرسي الأدب السعودي، وحضر اللقاء بعض أفراء أسرة الفقيد، وجمع غفير من الأكاديميين والطلاب، ومحبي الأمير الراحل رحمه الله تعالى.

0
No votes yet

Add new comment

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA