يعتمد النمو النفسي السليم للطفل على احترام الذات والذي يستمده الطفل في أول حياته ممن حوله بتقبله وتقبل أفعاله وسلوكياته ومشاركته في نشاطاته، ويعتمد النمو النفسي بشكل أساسي على إشباع حاجات الطفل النفسية والتي تختلف وتتنوع حسب دوافعه الفطرية ورغباته والتي من خلالها يستطيع التواصل بإيجابية وفعالية مع الحياة.
ولا شك أن الرسم أحد أبرز وأهم الأدوات التي تساعد الطفل على النمو النفسي، فالأطفال يعبثون في سنواتهم الأولى بالمواد المختلفة، ويخططون على السطوح الرملية منذ قديم الأزل، كما يشخبطون ويرسمون فوق كل ما تصل إليه أياديهم من حوائط وجدران وأوراق وحتى أن أجسادهم لا تسلم في بعض الأحيان من التخطيط عليها بالأقلام والألوان.
وقد بدأ اهتمام العلماء بتعبيرات الأطفال ورسومهم والبحث في جوانبها السيكولوجية في خط موازٍ للاهتمام بالمقومات والقيم الجمالية لهذه الرسوم من حيث أهميتها التربوية والسيكولوجية، كما بدأ معلم الفن «فرانز تشزك» في الاهتمام برسوم الأطفال وتعبيراتهم التشكيلية باعتبارها أعمالاً فنية لها قيمتها الجمالية ومظاهرها الإبداعية المميزة.
ويعتبر علماء النفس رسومات الأطفال بمثابة لغة مصورة يعبرون من خلالها عن أنفسهم، إضافة إلى التعبير عن علاقتهم ببيئتهم وبالآخرين ممن حولهم سواء في الأسرة أو المدرسة أو في الشارع.
ويؤكد عالم النفس «جلومب» أنه يمكننا الاستفادة من رسوم الأطفال في تشخيص مشكلاتهم، لأن رسومهم تعتبر أداة جيدة لفهم نفسية الطفل ومشاعره واتجاهاته ودوافعه وتصوره لنفسه وللآخرين، وإذا كان الراشد يستخدم الكلام كلغة يستطيع التعبير من خلالها فإن الطفل لا يستطيع أن يطوع الكلمات وفق مقصده وما يكتنفه من أحاسيس ومشاعر وإحباطات، ومن ثم لا بد من مدخل آخر لإقامة الحوار وتحقيق التواصل مع الطفل من خلال لغة بديلة يفصح من خلالها بتعبيراته البلاغية التي تنبع من أعماقه ألا وهي لغة الرسـم.
ومن بعض الفوائد الناجمة عن استخدام الرسم مع الأطفال في كشف المشكلات النفسية التعرف على المشكلات السلوكية والانفعالية التي يعانيها الطفل، كما أنها وسيلة للتعبير والتواصل مع الآخرين عند الأطفال الانطوائيين.
مرام القديري - كلية التربية
Add new comment