بِمُنَاسَبَةِ اليَوْمِ العَالَمِيِّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، تَزْدَادُ اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ جَمَالًا، وَتَتَأَلَّقُ رَوْعَةً عِنْدَ كِتَابَتِهَا مَشْكُوْلَةً، فَتَتَشَكَّلُ لَوْحَةٌ رَائِعَةٌ مِنْ الحُرُوفِ وَالكَلِمَاتِ وَرُسُومٌ خَلَّابَةٌ مِنْ الجُمَلِ وَالفَقَرَاتِ وَالنُّصُوصِ المَكْتُوبَةِ، المُزَيَّنَةِ بِأَنْوَاعِ التَّشْكِيلِ، وَالمُرَصَّعَةِ بِمُخْتَلَفِ الحَرَكَاتِ.
أَمَّا إِذَا نَطَّقْتَهَا فَدَعِ الأَصْوَاتَ العَرَبِيَّةَ تَنْسَابُ مِنْ فَمِكَ مُكَوِّنَةً مَعْزُوفَةً مُتَنَاغِمَةً، مِنْ مُوْسِيْقَى الْأَصْوَاتِ الْعَذْبَةِ، ولَحْنًا مِنَ الْكَلِمَاتِ، وَمَقْطُوْعَةً مِنَ الْجُمَلِ الرَّقِيقَةِ، فَتَزْدَانُ فَصَاحَةً دُونَ تَكَلُّفٍ أَوْ تَقَعُّرٍ. دَعْهَا تَخَرُّجُ مِنْ أَعْمَاقِكَ بِأَصْوَاتٍ مَهْمُوسَةٍ مَرَّةً، وَمَجْهُورَةٍ أُخْرَى، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْفَجِرَ الصَّوْتُ مِنْ أَعْمَاقِكَ؛ لِيُعَبِّرَ عَنْ مَشَاعِرَ تَأْبَى الصَّمْتَ أَحْيَانًا أُخْرَى.
وَفِي الاِسْتِمَاعِ خُذْ وَقْتَكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِأَصْوَاتِهَا، وَتَطْرَبَ لِمُوسِيقَاهَا، وَتَنْبَهِرَ بِمَعْنَاهَا، وَلَا بَأْسَ فِي أَنْ يَأْسِرَكَ الإِصْغَاءُ لِمُحْتَوَاهَا، فَفِي صَوْتِ حُرُوفِهَا إعجازٌ، وَفِي نَبْرِ كَلِمَاتِهِا إِبْدَاعٌ، وَفِي تَنْغِيمَ جُمَلِهَا إِمْتَاعٌ، اِسْمَعْ، وَاسْتَمِعْ، وَأَنْصِتْ، وَتَحَسَّسْ، وَأَصْغِ، وَأَرْخِ سَمْعَكَ، وَأَرْهِفْ مَسْمَعَكَ، وَسَتَتَفَاجَأُ بِالنَّتِيجَةِ.
اُرْسُمْ حُرُوفَهَا بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَكَلِمَاتِهَا بِبُنُوْطٍ مُتَعَدِّدَةٍ، تَلَاعَبْ بِالأَلْوَانِ، وَتَفَنَّنْ فِي الأَنْوَاعِ؛ مَا بَيْنَ نَسْخٍ وَرُقْعَةٍ وَدِيوَانِيٍّ وَكُوَفِيٍّ وَمَغْرِبِيٍّ وَفَارِسِيٍّ. وَفِي كُلِّ خُطْوَةٍ لَا تَنْسَ التَّشْكِيلَ كَسْرًا وَضَمًّا وَفَتْحًا وَسُكُونًا وَشَدَّةً. لَا تَسْتَهِنْ بِالحَرَكَاتِ فَلَهَا مَعَانٍ عَاطِفِيَّةٌ لَا تَتَخَيَّلُهَا، وَالسُّكُونُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا السُّكُونُ؛ إِنَّهُ أَلَّا حَرَكَةٌ وَكَفَى.
اَرْجِعْ لِلوَرَاءِ قَلِيلًا، شَاهَدْ المَنْظَرَ مِنْ بَعِيدٍ، تَأَمَّلْ ذَلِكَ الإِنْسَانَ العَرَبِيَّ، الَّذِي دَاعَبَ لُغَتَهُ، فَسَحَرَ بِهَا الآخَرِينَ كَلَامًا، وَسَلَبَ عُقُوْلَهُم كِتَابَةً وَقِرَاءَةً، بِدُونِ تَكَلُّفٍ؛ تُقَدَّمْ لِلأَمَامِ خُطْوَةً، تَوَقَّفْ، وَاَسْأَلْ نَفْسَكَ: أَلَّا تَسْتَحِقُّ هَذِهِ اللُّغَةُ الجَمِيلَةُ أَنْ يَكَونَ لَهَا عَمُودٌ فِي رِسَالَةِ الجَامِعَةِ مَشْكُوْلَةٌ كَلِمَاتهُا بِالْحَرَكَاتِ؟ اِنْتَهَى.
ملاحظة: في بَرْنَامَجِ مُعَالِجِ الكَلِمَاتِ (وُورْد) تَسْتَطِيعُ كِتَابَةَ الكَلِمَاتِ بِلَوْنٍ وَالحَرَكَاتِ بَلَوْنٍ آخَرَ، أَرْجُو تَطْبِيقَ ذلك عَلَى هذا المقال.
د. سعد بن علي بن سعد آل سعد الغامدي
معهد اللغويات العربية
Add new comment