استطاعت كوريا الجنوبية إنجاز قفزات سريعة في مسيرة انطلاقتها، وتطورها وحققت نهضة شاملة في كل المجالات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو التقنية أو التعليمية، مما مكنها أن تتبوأ موقعاً مرموقاً في الاقتصاد العالمي، ولا غرو أن هذا النمو السريع والنجاح الباهر كان نتاجاً لتجربة فريدة ورائدة في ميدان التطور الشامل الذي تميزت به كوريا الجنوبية بل وانفردت به دون غيرها من دول العالم.
في بداية الأمر كانت هذه التجربة قاسية بالنسبة لكوريا؛ حيث تعرضت لدمار كبير بعد استقلالها من الاحتلال الياباني عام 1945 وحتى بعد الاستقلال، حيث انقسمت إلى كوريتين جنوبية وشمالية، وتكبدت كوريا الجنوبية جراء ذلك الانقسام والصراع الكثير من الخسائر في مرافقها الحيوية كمحطات الكهرباء والمساكن والمصانع، بالإضافة للخسائر البشرية التي وصلت إلى 400 ألف قتيل.
ولكن في عام 1961 بدأت كوريا الجنوبية الخروج من ذلك النفق المظلم والخلاص من تلك الفترة الحالكة والتي تمثلت في التوجه إلى تأميم المصانع والوحدات الإنتاجية لتوجيهها إلى إنتاج ما تحتاجه الدولة وفقاً لرؤيتها، إضافة إلى تبني سياسات تسعى لتحفيز الصادرات، بهدف توفير العملات الخارجية التي تساعد على دعم ميزان المدفوعات وتوفير الموارد المالية اللازمة لشراء احتياجات الدولة من الأسلحة والتقنيات اللازمة للإنتاج.
لذا كان ثمة اهتمام نحو التوسع في تأسيس قطاعات اقتصادية جديدة وتبني سياسات تعليمية حديثة من شأنها زيادة حجم الاستثمارات والصادرات، كما أن كوريا الجنوبية تبنت توجهاً سليماً نحو الاقتصاد الحر وترك مساحة أكبر للقطاع الخاص للمشاركة في التنمية التقنية والاقتصادية والصناعية.
ويعتبر القطاع الصناعي من أهم القطاعات في كوريا الجنوبية، حيث توسعت في الصناعات التقنية بفضل التطور الكبير في سياسات التعليم والدخول في مجال النانوتقني وصناعة المحركات الآلية «الروبوتات»، كما اهتمت كوريا الجنوبية بصناعة الأجهزة الكهربائية المنزلية وبناء السفن وتقنية المعلومات.
على سبيل المثال جاءت شركة «سامسونغ» للإلكترونيات، على رأس القائمة في الأجهزة المنزلية، مثل التلفزيونات والشاشات وأجهزة الاتصالات، حيث بلغت مبيعاتها في العام الماضي 48.2 بليون دولار، تليها شركة «إل جي إلكترونيكس»، حيث بلغت مبيعاتها 36 بليون دولار، وبالنسبة لصناعة السيارات، جاءت شركة «هيونداي موتورز» وشقيقتها شرة «كيا» ضمن قائمة أفضل 10 شركات إذ بلغت مبيعاتهما 51.9 بليون دولار.
أ. د. عبد الله بن محمد الشعلان
كلية الهندسة
Add new comment