من الوهلة الأولى التي تطأ قدماك جامعة الملك سعود كطالب منحة مستجد, فإن مدير إدارة المنح الأخ الفاضل عبدالرحمن العمري, سيكون من أوائل الأشخاص الذين تلتقيهم في الجامعة،
وسوف يعطيك انطباعًا إيجابياً مدهشًا عن المملكة؛ وذلك بالاستقبال المغلف بالترحاب الحقيقي, والحب الحاني الصادق.
يبدأ بالتعرف عليك بابتسامة عريضة عميقة المعنى الإنساني, متسائلًا عن بلدك وأهلك, ورحلتك, متمنيًا لك الخير ولأهلك ولبلدك, فيذلل لك الحواجز التي كنت تشعر بالرهبة تجاهها كطالب مستجد, ويطلق أهم جملة ستظل عالقة في ذهنك وهي «أنت ضيفنا في هذه الجامعة, ونسعد بخدمتك مدة دراستك»، فيمنحك الثقة والاطمئنان والحافز, ثم يمنحك أوراق السكن والتغذية, وينهض مودعًا مبتسماً ليبهرك بأخلاقه الصادقة –والله- من أول لقاء.
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو الدور الإنساني الذي أبداه الأخ العمري عندما توفي زميل لي قبل شهر تقريبًا بسبب حادث مروري مؤسف, وقد كان الأخ العمري متواجدًا معنا في المشفى منذ الوهلة الأولى, يجلس الساعات الطوال معنا, وكأن المتوفى أحد أفراد أسرته, يتردد في كل الأيام الأربعة التي رقد المرحوم فيها في المشفى.
ولا أنسى يوم وفاته - رحمه الله - حيث كان الأخ العمري ملازمًا لنا من الساعة التاسعة صباحًا حتى أدخلنا المرحوم الثلاجة عند الساعة الواحدة ظهرًا, ولا أنسى ذاك اليوم أبدًا؛ وذلك عندما تعطَّل المصعد لمدة عشرين دقيقة وكنا تسعة بداخله والأخ العمري معنا, فكدنا أن نختنق لولا لطف الله بنا ثم جُهد رجال الأمن, وكان الخوف شديدًا لا سيما أن المصعد بجانب ثلاجة الموتى، وبعد ثلاث دقائق من إيداع المرحوم الثلاجة, فكان السياق سياق موت مرعب لنا جميعًا, وكان العمري يطمئننا ويصبِّرنا في هذه اللحظات العصيبة.
إدارة المنح ممثلة بمديرها العمري لا تدَّخر جهدًا في تذليل الصعاب للطلاب وتهيئة الجو العلمي المناسب, وتوفير فرص الحج والعمرة بشكل مستمر, فضلًا عن الرحلات الترفيهية الشهرية تقريبًا, علاوة على ذلك المكافأة المجزية كل شهر من الجامعة, مساواة بالطالب السعودي, وفي كل ذلك تجد الأخ العمري متابعًا ومذللاً كل مصاعب الطلاب الأكاديمية والنفسية والترفيهية, ومحفزًا وداعيًا لهم بالخير.
صدقوني، بهذه المعاملة الكريمة التي نلقاها في الجامعة لاسيما في إدارة المنح ممثلة بمديرها الأخ الفاضل عبدالرحمن العمري, ومدير إدارة الجوازات الأخ الخلوق سعود العيد, الذي يتعاون مع الطلاب تعاونًا ودودًا إنسانيًا, ولا أنسى بقية أعضاء الإدارة وتعاملهم الراقي وكأنهم اختيروا بعناية للتعامل مع أجناس مختلفة في الجامعة, وهناك أساتذة أفاضل كُثر في قاعات الدرس, دعتنا إلى جعل أنفسنا محامين للمملكة العربية السعودية هنا في الداخل, وسفراء لها في الخارج, ندافع عنها باستماتة في بلداننا، معرّفين بتوجه المملكة الإسلامي والعروبي والعالمي والإنساني.
عادل علي ناصر مثنى
طالب دكتوراه بقسم اللغة العربية
Add new comment