التدريس الإبداعي هو ذلك النوع من التدريس الذي يشجع الطلاب على تحليل المشكلات الرياضية العامة إلى مشكلات فرعية محددة، وتحليل الأنماط والتراكيب الرياضية، وتجاوز حالات الجمود العقلي والبعد عن العمل الروتيني، وهو ذلك التدريس الذي ينمي قدرة الطلاب على ربط وإعادة تنظيم العناصر الرياضية المختلفة بطرق جديدة تتسم بالطلاقة والمرونة والأصالة والحساسية تجاه المشكلات وإدراك التفاصيل.
إن تقدم الكثير من الدول في العصر الحالي تحقق نتيجة «إبداع في الرياضيات» حتى أصبح شعارها «الإبداع الرياضي والتميز من الجميع للجميع»، فهي تريد أن يكون جميع أفرادها مبدعين ومتميزين في الرياضيات، وأن يسهم هذا الإبداع في تحقيق مكاسب مادية ومعنوية وتكنولوجية وذات رفاهية لهم، ولذلك تكرس حكوماتها الجهود وتخطط لمناهجها الدراسية وتطورها بما يحقق هذه المكاسب ويجعل الجميع مبدعين في الرياضيات.
وقد حثت الكثير من توصيات البحوث في مجال تعليم الرياضيات على استخدام التدريس الإبداعي من خلال برامج حديثة مناسبة لتحقيق النواتج التعليمية العليا المرغوبة في تدريس الرياضيات، ويتطلب التدريس الإبداعي امتلاك عضو هيئة التدريس مهارات تدريسية غير تقليدية تتسم بالطلاقة والأصالة والمرونة، كما يتطلب تخطيط أنشطة إثرائية واستخدامها في التدريس لتنمية مهارات التدريس الإبداعي لديه.
يجب على عضو هيئة تدريس مقررات الرياضيات أن يراعي مجموعة من الأسس والمبادئ ليكون تدريسه إبداعياً، من بينها ضرورة أن يعطي طلابه فرصًا متكررة للتعلم، تسمح لهم بممارسة الاكتشاف وحل المشكلات، وأن يسمح لطلابه بممارسة الأنشطة المتنوعة والمتوازنة التي تتيح لكل منهم أن يتعلم بمفرده في حرية، وأن يسمح لهم كذلك بالمشاركة الفردية أو الجماعية داخل أو خارج القاعة الصفية.
كما ينصح بتحديد جوانب التعلم من خلال الأنشطة الإثرائية والوقت الذي يستغرقة كل نشاط وأن يبنى خطة خاصة للتعلم الفردي باختيار المادة والأفكار والأنشطة التي سيقدمها لكل طالب وفق حاجاته واهتماماته وقدراته، وأن يضع خططاً فردية متميزة ويحدد المفاهيم والأفكار التي تشبع حاجات الطلاب الموهوبين والمبدعين وميولهم ورغباتهم.
وللتدريس الإبداعي خمسة مبادئ يجب على عضو هيئة التدريس الاسترشاد بها عند تدريب طلابه الموهوبين على الإبداع، منها احترام المعلم للأسئلة التي يطرحها الطلاب مهما كان مستواها، واحترامه للتخيلات والتصورات التى تصدر عنهم، وإظهار أهمية وقيمة الأفكار التي يطرحها طلابه، وسماحه للطلاب بالقيام بأداء بعض الاستجابات دون تهديد بالتقويم، وأن يكون موضوعياً في تقويم الطلاب.
ويتطلب التدريس الإبداعي للرياضيات من خلال استخدام الأنشطة الإثرائية، تقسيم الطلاب في القاعة الصفية إلى مجموعات صغيرة، تبدأ كل مجموعة منها بتناول لعبة أو لغز أو مشكلة رياضية غير روتينية، ويتابع المحاضر بصورة منتظمة مدى تقدم كل مجموعة، ثم يناقش طلابه سويًا بالأفكار الجادة الأصيلة التي توصلت إليها المجموعات المختلفة من الطلاب.
وعند تقويم النواتج النهائية للتدريس الإبداعي, يجب أن يركز على الحلول الجديدة للمشكلات الرياضية، وعلى مقدرات الطلاب فى إدراك العلاقات وربط الأسباب بالنتائج، واتباع الأسلوبين التركيبي والتحليلي في التوصل إلى هذه النتائج، لأن ذلك من شأنه أن يجعل الطلاب يركزون في دراستهم على القدرات التي ترتبط بالعملية الإبداعية.
ويجب عليه أيضًا أن يعتمد على الأسئلة التباعدية ذات النهايات المفتوحة التي لا توجد لها طريقة واحدة محددة للحل، وينتج التدريس الإبداعي وفق نتائج العديد من الدراسات طلاباً مبدعين ولذلك فهو أكثر ملاءمة لتعليم الطلاب الموهوبين والمبدعين.
د. هشام عبدالغفار
أستاذ المناهج وطرق تدريس الرياضيات المساعد
منسق الجودة - قسم العلوم الأساسية
السنة الأولى المشتركة
Add new comment