دليلك للتعرف والوقاية من الأمراض الصامتة

بالرغم من حدوث  ثورة طبية هائلة في تشخيص وعلاج الكثير من الأمراض، إلا أنه لاتزال توجد أمراض لا يمكن التنبؤ بحدوثها مبكراً، ولا يوجد لها دليل حيوي يدل على الإصابة بها، هذه الأمراض  تمثل الخطر الصامت الذي  يهدد حياة الكثير من البشر، وقد تسبب الموت الفجائي. من  هذه الأمراض الجلطات والأزمات القلبية وانقطاع التنفس ليلاً وارتفاع  ضغط الدم والكوليسترول والسكري والتهاب الكبد الوبائي والإيدز وهشاشة العظام و متلازمة تكيس المبايض والسرطان ومتلازمة الأيض. 

هذه الأمراض ليس لها مؤشرات  تدل على الإصابة بها في المراحل المبكرة، بينما تظهر أعراضها عندما يتفاقم المرض، لذا تسمى «بالأمراض الصامتة» أو القاتلة الصامتة.   

أخطر هذه الأمراض ارتفاع  ضغط الدم الذى إذا أهمل علاجه  يصاب الإنسان بالسكتات القلبية والدماغية، التي تعد المسبب الأول للموت على المستوى العالمي. يعزى ذلك إلى الايقاع السريع  للحياة وما يصاحبه من ضغوط نفسيَّة وعصبية، بالإضافة إلى قلة ممارسة النشاط البدني  والإجهاد والتدخين وتناول الملح بكميات كبيرة والوجبات السريعة والسمنة والعوامل الوراثية.كما تعد كثرة تناول المسكنات  وغيرها من الأدوية  مثل  مضادات الهستامين وبعض الهرمونات من أسباب ارتفاع ضغط الدم، والدليل للوقاية من هذا المرض يجب الفحص الطبي  الدوري خاصة بعد سن الثلاثين، كما يٌنصح بتناول نظام غذائي منخفض الملح والنشويات والدهون وتجنب التدخين وممارسة الرياضة بانتظام.

كما يعد السرطان من الأمراض الصامتة، ويمثل السبب الثاني للوفاة على مستوى العالم،  ومن الأسباب التي تؤدي إلى حدوث السرطان النمط الغذائي غير الصحى،  بالإضافة إلى التلوث البيئي والعامل البيولوجي. كما أن الإفراط في تناول الوجبات السريعة والدسمة والمشوية والمحفوظة من مسببات التسرطن، ويسهم الفحص الطبي الدوري في الوقاية السرطان، ويمكن استشعار  قابلية الجسم للإصابة بالسرطان مبكراً، وذلك بفحص  بعض الجينات خاصة الجينات المنظمة لانقسام الخلايا مثل « P53»، والذي إذا تعطل  يحدث انقسام مستمر  وعشوائي فيصاب الإنسان بالسرطان .

 ومن الأمراض الصامتة أيضًا مرض السكري  وعلى الرغم من انتشاره إلا أن بعض الأشخاص لا يعلم بالإصابة به إلا متأخرًا، وحتى الآن لا يُعرف السبب  المحدد المؤدي إلى اضطراب البنكرياس والإصابة بنوبات السكر المفاجئة، والتي  قد تؤثر على القلب والكلى والعين والأعصاب  والإصابة بالسكتات الدماغية، وبالرغم من ذلك يمكن السيطرة على المرض بالحفاظ على المعدل الطبيعي للسكر بالدم، كدليل للوقاية من مضاعفات المرض.

 أيضًا تعد أمراض الكبد الدهني والتهاب الكبد الوبائي من الأمراض الصامتة، ومن مسببات أمراض الكبد الإفراط في  تناول النشويات والدهون والتعرض للملوثات والإفراط في تناول المضادات الحيوية والعادات الصحية الخاطئة والفيروسات الكبدية، كل ذلك ينتج عنه تلف مزمن في الكبد والفشل في القيام بوظائفه الحيوية وقدرته على التخلص من المواد السامة وأمراض الكلى والقلب والسرطان وغيرها. كما توجد بعض أنواع الميكروبات تسبب أمراضًا صامتة معدية، مثل الكلاميديا التي  تصيب منطقة عنق الرحم، وتسبب الأمراض المنقولة جنسيًا، أيضًا تشمل هذه الأمراض الفطريات والتهاب المعدة والأمعاء الفيروسي والتهاب الأذن الوسطى والتهاب ملتحمة العين والتهاب الأذن الوسطى. 

كما يعد التهاب اللثة من الأمراض المعدية الصامتة الذي قد يؤدي  فقدان الأسنان، وقد يصل الأمر إلى الإصابة ببعض أمراض القلب والأوعية الدموية. 

والدليل للوقاية من الأمراض الصامتة القاتلة يجب الفحص الطبي الدوري للأمراض المعدية وغير المعدية، ولا تزال البحوث سارية لتحديد الجينات المسؤولة عن الأمراض للتنبؤ بالأمراض قبل حدوثها. كما يجب  اتباع قواعد الصحة العامة ونمط الحياة الصحي والبعد عن القلق والتوتر، كل ذلك يساعد الجسم في معالجة نفسه بقوة العلاج الذاتي «الصيدلية البيولوجية»، أيضًا ينشط الشفاء الذاتي بالاسترخاء  والتأمل والتفاؤل والأفكار الإيجابية والسعادة والرضا وعلو الهمة. 

كل ذلك يساعد على إفراز الإندورفين واإنترفيرون، وغيرها من المحركات الخلوية التي  تساعد الحسم على تجديد خلاياه  وتحقيق الشفاء بإذن الله.

  كما تعد الرقية الشرعية وأداء الصلوات  والصدقة وغيرها من العبادات بخشوع وطمأنينة من محفزات العلاج الذاتي، قال الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ».  

أ. د. جمال الدين ابراهيم هريسه

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA