العنف هو تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة أو إرغام الفرد على إتيان هذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى.
وقد ظهر العنف منذ وجود آدم عليه السلام، وابنيه هابيل وقابيل، على الأرض؛ حيث قتل قابيلُ أخاه هابيل حسداً وظلماً، قال سبحانه (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) سورة المائدة: 30.
وللعنف ثلاثة أنواع هي الإيذاء البدني، والإيذاء النفسي، والإيذاء الجنسي؛ ومن صور العنف لدى الشباب بالتحديد التنمّر (التسلط/ البلطجة)، والشجار مروراً بالاعتداءات الجنسية والجسدية الأشدّ خطورة إلى جرائم القتل، إذ تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أنه يُسجّل، كل عام في جميع أنحاء العالم، حدوث نحو مائتي ألف جريمة قتل بين الشباب من الفئة العمرية 10-29 سنة، ممّا يمثّل 43% من العدد الإجمالي لجرائم القتل التي تحدث سنوياً على الصعيد العالمي.
وتتباين معدلات القتل التي تُسجّل بين الشباب، بشكل كبير، بين البلدان وداخلها غير أنّ الذكور يشكّلون، في كل البلدان، معظم مقترفي جرائم القتل وضحاياها، أمّا معدلات جرائم القتل المُسجّلة بين الإناث فهي أكثر انخفاضاً.
من جهة أخرى تؤكد منظمة الصحة العالمية على أن العنف لدى الشباب يزيد من التكاليف الصحية وتكاليف خدمات الرعاية والعدالة الجنائية؛ ويتسبّب في خفض الإنتاجية وتراجع قيمة الممتلكات وتفكيك النسيج الاجتماعي عموماً.
إن العوامل التي تزيد من احتمال وقوع العنف لدى الشباب كثيرة ومتعددة، ومع ذلك حدد العُلماء ثلاثة مستويات خطورة تساهم في العنف لدى الشباب، أولها على مستوى الفرد كالشروع مبكراً في تعاطي الكحول والمخدرات والتبغ ونقص الالتزام بالواجبات المدرسية والفشل في الدراسة، أما الثاني على مستوى العلاقات الاجتماعية (الأسرة، والاصدقاء، والزملاء) كقلة مشاركة الآباء في أنشطة أبنائهم ومخالطة الزملاء الجانحين، والثالث على مستوى المجتمع كانخفاض مستويات اللحمة الاجتماعية داخل المجتمع، والتوسع العمراني.
أما فيما يخص طرق الوقاية من العنف لدى الشباب فقد وضعت برامج على المستوى العالمي أثبت فعاليتها كبرامج إكساب مهارات الحياة وبرامج التنمية الاجتماعية الرامية إلى مساعدة الأطفال والمراهقين والشباب على التحكّم في الغضب وتسوية النزاعات وتطوير المهارات الاجتماعية اللازمة لحلّ المشاكل، والبرامج التي ترمي إلى تحسين المدارس والسياسات المدرسية وممارسات المدرسين والتدابير الأمنية، وغيرها.
أخيراً تتطلب الوقاية من العنف لدى الشباب اتباع نهج شامل يتناول المحددات الاجتماعية للعنف كالتفاوت في مستوى الدخل، والتغيّرات الديمغرافية والاجتماعية السريعة، وانخفاض مستويات الحماية الاجتماعية، وإحياء الوازع الديني، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «أوصني، قال: لاتغضب (ثلاث مرات)، رواه البخاري.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد