الهستيريا الإدارية
هي مرض نفسي إداري منتشر بين الأوساط الإدارية التي تتسم بالتسلط والدكتاتورية والتزمت الإداري، وهو من الأمراض الشائعة في بعض الإدارات الكبرى، ولكن لا يفطن إليه الكثير من المديرين أو القادة نظراً لأنه يكون غير متوقع، إلا أن الخبراء الإداريين والمتخصصين في الموارد البشرية يفسرون تلك المظاهر بأنها هستريا إدارية.
ويتمثل مفهوم مرض الهستيريا الإدارية بأنه حالة نفسية تصيب العاملين في الإدارة بشكل جماعي أو فردي مثل الغياب، وترك العمل، وتسرب العاملين من العمل إلى آخر، وقد يصاب بها الفرد نتيجة تعرضه لضغوط شديدة بشكل مباشر في العمل مثل الإغماء أو فقدان الكلام أو الإصابة بنوبات من القيء أو آلام البطن.
وهناك نوعان من الهستيريا الإدارية؛ الأول جماعي وفيه تتحول الضغوط الإدارية التي يتعرض لها العاملون إلى أعراض جسمية مثل الصداع الدائم طوال فترة العمل، أو الإصابة بنوبات من الإسهال الشديد، فيؤدي إلى ترك العمل، ويطلق عليه الهروب النفسي من المواجهة.
والنوع الثاني هو الهستيريا الفردية وتحدث عند تعرض الموظف لضغوط شديدة من رئيسه وعدم القدرة على الرد عليه، لأنه إذا قام بالرد يمكن أن يتعرض لعقاب أو يفصل من العمل وفي نفس الوقت لو سكت يتعرض إلى السخرية من زملائه، فبذلك يتعرض لصراع نفسي ويكون الهروب من ذلك الموقف بإصابته بحالة من الخرس الهستيري «فقدان النطق» فيشفق عليه زملاؤه من هذه الحالة، وفي نفس الوقت يرد اعتباره لذاته بأنه لم يستطع الرد لإصابته بفقدان النطق.
أما أعراض الهستيريا الإدارية فتتمثل في الهروب من موقف أو ضغط نفسي شديد بظهور أعراض جديدة ناتجة عن تحول الأعراض النفسية إلى أعراض جسمية أو على شكل مرض ظاهر كهروب من الموقف الذي لا يستطيع الفرد أن يتحمله في الواقع.
ومن الأعراض الهستيرية العمى الهستيري وفيه يتعرض الموظف الذي يعمل تحت إدارة مدير دائم التذمر والنقد إلى افقد الرؤية كنوع من التعبير اللاشعوري عن عدم الرغبة في رؤية هذا المدير المتسلط، وعندما يذهب إلى عيادة العيون يجد الطبيب أن العين سليمة، ولكن المشكلة تكون نفسية، وعندما ينقل المدير أو يحال إلى التقاعد فإن الرؤية تعود لزوال السبب في المشكلة.
وهناك كثير من الأسباب التي تؤدى إلى الهستيريا الإدارية منها الضغوط الإدارية التي تؤدى إلى الهروب النفسي من خلال الأعراض النفس - جسمية، ومنها القائد المتسلط والذي يراقب حركات الموظفين ويحاسبهم على كل صغيرة فيغدو من العوامل التي تشكل ضغوطاً على العاملين فيكون الهروب من خلال الأعراض الهستيرية.
وبالنسبة للآثار فإن انتشار الهستيريا الإدارية بين العاملين يؤثر على الإنتاج، حيث إن كثرة تغيب العاملين عن العمل بسبب المشاكل الجسمية التي يعانون منها يؤثر على حجم الإنتاج، كما أن استمرار الضغوط يؤدي إلى التسرب الوظيفي، وهذا يؤثر على منظومة العمل، حيث يكون من بين المتسربين موظفون لديهم خبرة في العمل وبعضهم يكون قد التحق بدورات تدريبية على حساب العمل، وهذه العوامل وغيرها تؤثر على جودة العمل وحجم الإنتاج.
ولعلاج الهستيريا الإدارية يجب تخفيف الضغوط على العاملين، واستخدام نظام الحوافز، وهذا من شأنه أن يزيد من تمسك العاملين بالعمل في المنظمة، أيضا يجب علاج مشاكل العاملين والتعرف على مشاكلهم الأسرية ومحاولة حلها لأن الضغوط الخارجية مع ضغوط العمل تؤدي إلى الهستيريا الإدارية.
وختاماً، لا يسلم أحد منا من التعرض للصعوبات والتحديات والصفعات، لكن الأقوياء فقط هم الذين يمتلكون من الإرادة قدراً، ومنعوا به أيديهم من أن تتحسس موضع الصفعة ، فلم يلحظ ألمهم أحد، لذلك الإرادة القوية لا تتسم بالصلابة فحسب، بل تتصف أكثر بالصلادة.
ماجستير إدارة وتخطيط
مدربة معتمدة
hkutbe@ksu.edu.sa
إضافة تعليق جديد