«المنفعة للجميع».. مبدأ أساسي للنجاح

فكر خارج الصندوق

الشخص الناجح حقاً هو من يحرص على تحقيق الربحية له وللأطراف المتعاملة معه أو من يعيش معهم، ونمط التفكير «ربح/ربح» هذه ليست تقنية وإنما فلسفة شاملة للتعاملات الإنسانية، وهي مبدأ أساسي للنجاح في جميع تعاملاتنا، وتعني أن الطرفين ربحا لأنهما اختارا الاتفاقات أو الحلول التي تفيد وترضي الطرفين مما يجعل كلا الطرفين يشعر بالراحة لقراراتهم وبالالتزام لأدائها.

والشخص الذي يفكر «ربح/ربح» وتسمى أحياناً «فوز/فوز» لديه ثلاث سمات أساسية، الاستقامة والنضج والوفرة العقلية، فالإنسان المستقيم صادق في أحاسيسه ومبادئه والتزاماته، والناضج يترجم أفكاره ومشاعره بجرأة مع مراعاة مشاعر الآخرين وأفكارهم، والأشخاص ذوو الوفرة العقلية يؤمنون بأن هناك ما يكفي للجميع، ويعترفون بالإمكانيات غير المحدودة لتنمية التعامل الإيجابي والتطوير، مما يخلق بديلاً ثالثاً جديداً ومقبولاً من الطرفين، وإن التعامل بمنطق «إذا كسب الآخرون فسأخسر» يجعل الحياة صعبة.

وفي تاريخنا الإسلامي نجد أن أعظم عمليات التفاوض السياسي حدثت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والتي استخدم فيها مبدأ الفوز لكلا الطرفين، ولكن فوز النبي - صلى الله عليه وسلم - كان باتجاه المبادئ والقيم والحق والأخلاق، بينما يعطي للآخرين ما يريدونه من مكاسب دنيوية أو شكلية، وهم يطلبون ذلك لسبب بسيط هو أنهم مستندون لعقيدة خاوية غير راسخة وغير حقيقية.

ومن أمثلة ذلك ما حصل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم كان المشركون يلاحقونه في هجرته من مكة إلى المدينة، حين أوشك سراقة بن مالك أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى الرغم من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ممنوعاً من سراقة إلا أنه صلى الله عليه وسلم، أبرم معه اتفاقاً على مبدأ «فوز/فوز» فكان واجب سراقة أن يضلل من يبحث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقابل أن يحصل سراقة على سواري كسرى حين تفتح فارس.

وكذلك ما حصل يوم صلح الحديبية حين جلس سهيل بن عمرو يعقد الصلح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب «هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -... الخ» رفض سهيل ذلك وأراد أن يكتب محمد بن عبدالله، فوافق النبي- صلى الله عليه وسلم - على ذلك لأنه رسول الله صدقاً وحقاً، شاء سهيل أم أبى، ولكنه أراد أن يمنح سهيلاً مكسباً مقابل أن يوقع عهد الصلح مع المسلمين الذي كان فيما بعد فتحاً مبيناً ونصراً كبيراً للمسلمين.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA