التغيير يبدأ «هنا» و«الآن»

يمر الإنسان بمراحل زمنية ثلاث، هي الماضي والواقع والمستقبل، ولكل مرحلة شعورها النفسي وتأثيرها عليه سواء كان إيجابياً أو سلبياً، وهناك مرحلتان من المراحل الثلاث يرحل إليها الإنسان من غير وعيه وإدراكه لحالته الحالية، فالماضي والمستقبل هما عبارة عن حالة من السرحان، والسرحان هو شرود الذهن «العقل» أو بمعنى آخر غير منتبه لما حوله.

والوعي الواقعي عند الإنسان بشكل عام نسبي، فقد يرتفع وقد ينخفض بسبب التأثيرات الداخلية «النفسية والجسدية» والخارجية «البيئة» التي يمر بها طيلة فترة استيقاظه لاختلاف تفاعله في يومه الواحد من ساعة إلى أخرى.

وللماضي تأثير على حياة الإنسان وله علاقة بالاكتئاب، فتذكر الماضي يدخلك في شعور الحزن من وجهين، الأول أنك لا تستطيع تغيير ما فات، والثاني أنك لا تستطيع الرجوع والعيش فيما تريد سابقاً، فالباب المُشرق من الماضي هو الاستفادة من الخبرات والتجارب التي مررت بها فقط لا غير.

أما المستقبل فله علاقة بالتوتر والقلق، والسرحان بالمستقبل يجعلك في شعور قلق لأنك لا تعلم ماذا سيحدث ويستجد مستقبلاً، والواقع هو أن تكون «هنا والآن» فالتغيير والتطوير هو «هنا والآن» وأقصد بـ«هنا» أي المكان و«الآن» أي الزمان، فمتى ما أردت أن تعود لواقعك الحالي بعدما سرحت فركز على تنفسك أثناء الشهيق والزفير وستجد نفسك استيقظت بعد رحلة قصيرة عقلية.

ولا بأس أن تخطط للمستقبل بعقلك وجسدك وروحك ونفسك الآن، وليس أن تسرح في المستقبل أو الماضي دون تدوين أي شيء.

من الأمور التي تجعل بعض النقاشات لدينا لا فائدة منها، إغراق أحد المتناقشين الآخر في الزمن فيجعله إما يتكلم عن الماضي أو يتكلم عن المستقبل وبالتالي انتهى النقاش هنا، وأخيراً الوعي التام يستدعي الهدوء والتفكير والعقلانية وليس الاندفاعية فالحكمة بيت كبير والوعي بابها.

أ. مشاري بن عبدالرحمن الحمود

أخصائي نفسي في برنامج التعليم العالي للطلاب الصم وضعاف السمع

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA