وصف الله جل جلاله، الحسد بالشر بقوله تعالى: «ومن شر حاسد إذا حسد» سورة الفلق: 5، والحسد هو أن يتمنى إنسان أن تتحول إليه نعمة شخص آخر أو يسلبها، ويعتبر الحسد من الأشرار الخفية الباطنية، لكن تأثيره على الإنسان وأذاه ظاهري.
وينقسم الحسد إلى عدة أقسام، منها: الحسد في الصحة، والحسد في التحصيل العلمي، والحسد في الجمال، والحسد في الأولاد والبنات، والحسد في الأموال والممتلكات، والحسد في المنصب والجاه، ولو أخذنا الحسد في الصحة بشيء من التفصيل، فهو أن الإنسان الحاسد ينظر للإنسان المحسود بنظرة «العين اللامة»، وهي العين المدفوعة من نفس مريضة، وعقلٍ شريرٍ، وقلبٍ ساخطٍ لإنسان لا يحب الخير لأحد وهو تمني زوال النعمة؛ فيبدأ المحسود بالمعاناة الإنسانية والانهيار الصحي بظهور أمراض كثيرة لا يوجد لها مبررٍ أو تشخيصٍ في الطب البشري ولا حتى في الطب النفسي. أما إذا كان الحسد في الجمال فحدث ولا حرج، وفي الغالب ما يقع هذا النوع من الحسد على البنات الجميلات أو الشباب الذين لهم جمال فوق العادي.
ومن أعراض الحسد أن يُصاب الشّخص بالصّدود عن الذّهاب إلى المدرسة، أو الجامعة، أو العمل، والانطواء والعزلة الاجتماعية، وعدم الاهتمام بالمظهر العام، والاختناق، والاعتداء على الآخرين؛ بل يشعر بعدم حب، ووفاء، وإخلاص أقرب الناس وأحبّهم له، كذلك من أعراض الحسد الإصابة بالخمول، وقلة الشهية، وحدوث دوخة، وكثرة التثاؤب، ونقصان الوزن بشكل سريع ومخيف، والسرحان، وعدم التركيز، والنّسيان.
وقد استنتج علماء غربيون مؤخراً من خلال استطلاع للرأي شمل 34 ألف مواطن في مختلف البلدان الأوروبية؛ أن الذين يتملكهم شعور الحسد أكثر عرضة للتوتر العصبي، والإصابة بحالة الكآبة، وهذا يخص في المقام الأول أولئك الذين تعودوا على مقارنة دخلهم المالي بدخول المحيطين بهم، وقد توصل العلماء إلى أن انخفاض مستوى التصدي للتوتر العصبي يؤدي لنقص المناعة؛ وتبين من النتائج أن ثلاثة من كل أربعة مشاركين في الاستطلاع يقارنون دائماً حجم رواتبهم برواتب أصدقائهم أو أقاربهم أو زملائهم في العمل؛ الأمر الذي يؤدي إلى نشوء الشعور بالحسد مما يترتب عليه تردي جهاز المناعة لدى الحاسد.
ولعل ما توصل إليه هؤلاء العلماء أمر أشارت إليه الشريعة الإسلامية بأن الحسد درجة من درجات الكفر، ويجب على المؤمن أن يبتعد عنه لحماية نفسه وحماية إخوانه المؤمنين، وأن يحصن نفسه بالأذكار اليومية «الصباحية والمسائية وعند النوم»، وقبل ذلك الالتزام والحرص على الأمور الدينية بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها والصدقات والصيام؛ وأن لا يغفل المُصاب بالحسد عن الأخذ بالأسباب الدنيوية بعدم مصاحبة من في قلبه حسد، ولا يذكر الله، والعلاجات الطبية والنفسية والاستشارات الاجتماعية، كفانا الله وإياكم شر الحاسدين، وإلى اللقاء.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد