تُعرف الأشياء بأضدادها

زاوية: بقعة ضوء

قبل أسابيع تحاورت مع أحد الزملاء الفضلاء في عملية الترشيد الذي طرأ على الرواتب والبدلات ورفع بعض الرسوم في الآونة الأخيرة، وعندما تكلم بدا لي أنه متفائل بهذا الترشيد الذي يرى البعض منا أنه أحدث مشكلة وضيقاً في العيش لكثير من العوائل والأفراد.

وعندما رأيت هذا التفاؤل منه سألته عن السبب في ذلك، فأجاب صاحبنا هذا وقال: إن هذا ربما يكون نعمة من الله كي نعرف قيمة النعم التي نعيش فيها نحن وعوائلنا، وقد قيل قديماً «الأشياء تُعرف بأضدادها!»، هذه الإجابة جعلتني أفكر وأفكر في عمق نظرة هذا الرجل، رغم أنه عضو هيئة تدريس ولربما فاته بعض المميزات المالية والبدلات.

فعلاً تجد الكثير منا و ذرارينا عاش في نعمة وأمن وسعة رزق منذ أن عرف الدنيا، ولم يعرف أحد منا الجوع والخوف والحروب والمصائب التي تحدث الآن في العالم مثل الغرق والزلازل والعواصف المدمرة، وعندما نرى درجة الإسراف والبذخ الذي ساد مجتمعنا في الآونة الأخيرة في الولائم والكماليات وبعض المظاهر الأخرى التي لم نألفها سابقاً مثل دفع الأموال الطائلة في مبايعات الإبل والأنعام الأخرى، فإننا نتيقن أن البعض منا لا يعرف ولا يقدر النعم التي وهبها لنا الخالق سبحانه وتعالى.

في زمن بعيد مضى لم يكن الكثير منا يفكر في السياحة الخارجية بكامل أفراد العائلة، ولكن في سنواتنا الأخيرة أصبحنا نرى المطارات الدولية في بلادنا في ازدحام شديد بداية الإجازات، من كثرة المواطنين السياح المسافرين خارج الوطن حتى وإن كانت الإجازة قصيرة، كإجازة أحد العيدين! 

كل هذا يدل على أن وطننا كان وما زال يرفل بأمن وأمان ونعم ظاهرة وباطنة، أسبغها الله علينا منذ قيام هذه الدولة الرشيدة التي قامت على أسس الكتاب والسنة والعدل، ولله الفضل والمنة؛ إذن يجب أن ندعو الله سبحانه وتعالى، أن يديم نعمه علينا وعلى وطننا وجميع المسلمين وأوطانهم.

يقيناً، الأشياء تعرف بأضدادها، ولن يعرف أحد قيمة الصحة، على سبيل المثال، إلا بعد مرض أو وعكة صحية ولو كانت بسيطة.  

أ. د. يوسف بن عجمي العتيبي

كلية علوم الحاسب والمعلومات 

yaalotaibi@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA