نظرًا لأهمية نشر اللغة العربية وتعليمها لغير العرب جاء إنشاء معهد اللغويات العربية في جامعة الملك سعود بمرسوم ملكي في عهد الملك فيصل رحمه الله عام 1974م، وقد عمل المعهد منذ إنشائه على تحقيق أهدافه، ومن ذلك تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وتزويدهم بالثقافة العربية الإسلامية، وإعداد معلمين متخصصين في تدريس اللغة العربية لغة ثانية، بالإضافة لتدريب المعلمين أثناء الخدمة، وبناء وتصميم المواد والسلاسل التعليمية وتطوير الوسائل المساعدة، ويقدم عددًا من المنح الدراسية السنوية للطلاب.
إقبال متزايد
ونظرًا للإقبال العالمي المتزايد على تعلم اللغة العربية، والذي فاق بمراحل المقاعد المخصصة للمنح الدراسية، كان لا بد من حل، ومن هنا كانت مبادرة مشروع «العربية التفاعلية» الذي أتى بمفهوم يرتكز على سهولة تعلم اللغة العربية بعيدًا عن حدود الزمان والمكان، وهي فكرة عمل عليها الدكتور حسن الشمراني رؤيةً وتأليفاً وتطبيقاً.
دروس تفاعلية شاملة
يهدف المشروع إلى نشر اللغة العربية وثقافتها لغير الناطقين بها بطريقة ميسرة ومشوقة، وذلك عبر إتاحة الفرصة «مجانًا» لتعلمها بواسطة الإنترنت، وعبر تطبيقات الأجهزة الذكية، ويعد المشروع الأول من نوعه الذي يقدم دروساً تفاعلية شاملة تعتمد نظام الوحدة التكاملية integrated وفق نظريات علم اللغة التطبيقي، ويتيحها للراغبين من أنحاء العالم؛ بعيدًا عن حدود الزمان والمكان، ويستطيع المتعلم أداء الدروس التعليمية والاختبارات وأدوات التقييم الأخرى على مدار الساعة حسب ظروفه اليومية.
تدشين رسمي
وقد أطلقت هذه المبادرة جامعة الملك سعود تحت مظلة معهد اللغويات العربية، حيث دشّن المشروع معالي مدير الجامعة في أكتوبر 2012 على بوابة الجامعة على الإنترنت http://learnarabiconline.ksu.edu.sa/ كإحدى المبادرات الخادمة للغة العربية وخدمة المجتمع المحلي والعالمي من غير الناطقين بالعربية، ووصل عدد مستخدميه حتى تاريخه أكثر من 38000 متعلم رغم عدم نشر أي دعاية إعلانية، ويعد هذا الرقم كبيرًا إذا ما قورن بأعداد الطلاب المقبولين سنوياً في معاهد اللغة العربية في العالم العربي حيث لا يتجاوز بعضها 60 طالباً في العام الواحد.
سهولة التعامل
تشير الإحصاءات إلى إقبال متزايد وأعداد كبيرة من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا والهند وباكستان وغيرها، كما هو موضح في هذه الإحصاءات، وربما كان لسهولة التسجيل والتعامل مع الدروس والتدريبات إضافة إلى جودة المحتوى وفائدته للمتعلمين الأثر الكبير في انتشاره، ويتوقع للمشروع الانتشار الأكبر والزيادة في عدد المستخدمين، وبالتالي نشر اللغة العربية وثقافتها، حيث سنعمل باستمرار على تطويره وأخذه إلى آفاق أفضل.
المستفيدون
المشروع موجه بالدرجة الأولى إلى التعلم الذاتي فردياً، أو من خلال برامج مكثفة أو غير مكثفة رسمية أو خاصة، ويستهدف فئة المبتدئين من الراشدين الناطقين بلغات أخرى غير العربية، ويمكن الاستفادة منه في تعلم وتعليم العربية بوصفها لغة ثانية أو أجنبية «أي: في الدول الناطقة بالعربية أو الدول الأخرى غير الناطقة بها» وتستفيد منه حالياً برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في معاهد جامعات المملكة العربية السعودية، ووزارة الدفاع السعودية، والمعاهد والبرامج حول العالم، إضافة إلى الأفراد من مختلف بلدان العالم.
محتوى مُحكم
استغرق إنجاز محتوى العربية التفاعلية حوالي سنتين للمادة العلمية وحوالي سنة لتصميمه على «الويب» وبضعة أشهر لتصميم نسخة الأجهزة الذكية، وقد حُكّم المحتوى سلفاً من المجلس العلمي لجامعة الملك سعود عبر كتاب العربية للعالم لمؤلفه د. الشمراني، ويركز المحتوى على التوازن والتكامل بين عناصر اللغة العربية من مفردات، وتراكيب نحوية، ومهارات اللغة المختلفة من استماع، وكلام، وقراءة، وكتابة، بالإضافة إلى الاهتمام بالكفاية الثقافية، وبهذا يسهم المشروع أيضًا في التعريف بمظاهر الثقافة العربية.
كفاية تواصلية
ويهتم المشروع بالكفاية التواصلية؛ ويولي المادة الشفهية اهتمامًا خاصًّا من خلال فيديوهات للمحادثة والمفردات والتعبيرات اليومية الشائعة وفهم المسموع، بالإضافة إلى مهارات اللغة الأخرى، ويتضمن تدريبات لغوية، واختبارات متنوعة آلية التصحيح، ومسارد بالتراكيب اللغوية، والمفردات والتعبيرات، ونصوص فهم المسموع. كما يحتوي على إحصاءات عامة بالمشروع، وسجلات متابعة لكل متعلم، ويتناسب المشروع مع طبيعة التعلم عبر الإنترنت، حيث التفاعل يكون بين متعلم اللغة وشاشة جهاز الحاسوب؛ فيستمع ويقرأ ويجيب على التدريبات، والحاسوب يصحح له آليًا، ويقوّم أداءه، ويتيح له فرصة الإعادة والمقارنة بين أدائه والأداء الأنموذجي في المشروع.
اللغة المستخدمة
يتبنى مشروع العربية التفاعلية استخدام اللغة العربية الفصيحة المعاصرة، وهي تلك اللغة المستعملة في مؤسسات التربية والتعليم العالي في العالم العربي، واللغة التي يتخاطب بها، ويفهمها المثقفون في وسائل الإعلام المشاهد والمسموع والمقروء في الدول العربية.
وحدة دراسية
اتبع مشروع العربية التفاعلية نظام الوحدة الدراسية، حيث تبدأ الوحدة بمحادثتين أو ثلاث، وهي نصوص حوارية لمواقف اجتماعية مستوحاة من مواقف حياتية يومية؛ ليتمكن المتعلم من التفاعل والتواصل في مواقف حياتية مختلفة. وتعدّ هذه المحادثات العمود الفقري للوحدة، من حيث المفردات والتعبيرات الشائعة، والتراكيب النحوية، والمظاهر الثقافية العربية المختلفة.
محتويات الوحدة
تضمّنت كل وحدة سبعة دروس على النحو التالي:
- الدرس الأول: استمع «محادثتان أو ثلاث على شكل فيديو، حيث تظهر الجملة والصوت معًا، ويمكن للمتعلم إعادة وتكرار المحادثات حسب ما يريد».
- الدرس الثاني: المفردات «قائمة تفاعلية بالكلمات والتعبيرات الشائعة التي وردت في المحادثات، ويمكن للمتعلم دراستها ومراجعتها، وتصاحبها صور توضح المقصود، فتساعد على الفهم والاستيعاب أكثر. ثم تلي ذلك تدريبات تفاعلية على المفردات، وهي آلية التصحيح، ويصحبها تقويم بالإجابات الصحيحة والخاطئة».
- الدرس الثالث: التراكيب النحوية «وهي بمنزلة ملخص لما ورد من تراكيب وظيفية في المحادثات. وقد استخدمت الجداول والألوان والأيقونات المختلفة؛ لمساعدة المتعلم على الوصول بنفسه إلى معرفة الفروق في الاستخدام بين المذكر والمؤنث والمفرد والجمع...إلخ. ثم تلي ذلك تدريبات تفاعلية على التراكيب، وهي آلية التصحيح، ويصحبها تقويم بالإجابات الصحيحة والخاطئة».
- الدرس الرابع: فهم المسموع «عبارة عن فيديو يعرض حوارات قصيرة، ويختار المتعلم رقم المحادثة من الصور المصاحبة التي تضمّ في الغالب ست إلى تسع صور. ويمكن للمتعلم التحكم في تشغيل أو إيقاف الفيديو للحظات حتى يكمل التدريب، وهو تدريب آلي التصحيح، ويصحبه تقويم بالإجابات الصحيحة والخاطئة». ويوجد في نهاية هذا الدرس رابط ينقل المتعلم إلى ملحق لنصوص فهم المسموع يحتوي على النص مكتوبًا، ومسجل صوتيًّا، كما يضمّ أنموذجًا للإجابة، ويمكن للمتعلم أن يستمع ويقرأ ويراجع إجاباته في آن واحد.
- الدرس الخامس: تحدث «تدريبات تحتوي على أمثلة قصيرة لمحادثة، ويعطي المتعلم بعض المفردات أو العبارات؛ لاستخدامها في أمثلة مشابهة، ثم يطلب منه الذهاب إلى غرفة المحادثة مع زميل أو أكثر، وهي بداية لأحاديث أخرى قد تنشأ في هذه الغرفة مع زملاء من مختلف دول العالم، حيث يشتركون في الهدف نفسه، وهو التواصل باللغة العربية».
- الدرس السادس: اقرأ )ويختلف من وحدة إلى أخرى، حيث يبدأ بقراءة الكلمات والعبارات القصيرة في الوحدات الأولى، ثم يتطور؛ ليصبح نصًّا قرائيًّا في الوحدات التالية، وتصحبه أسئلة لفهم المقروء. يطلب في البداية من المتعلم أن يقرأ النص ثم يقارن قراءته بما يسمعه «تسجيل لقراءة أنموذجية للنص»(.
- الدرس السابع: اكتب «كتابة آلية، وتضمّ تدريبات كتابية متنوعة منها: إكمال الكلمات بالحروف المناسبة؛ ليتدرب الطالب على طريقة كتابة الحرف في بداية ووسط ونهاية الكلمة، ومنها بناء جمل، وإعادة ترتيب الكلمات؛ لتصبح جملة، وإنشاء جمل جديدة على غرار جمل أخرى. كما يمنح الطالب فرصة الدخول إلى غرفة المحادثة النصية؛ لممارسة الكتابة الحرة، وتبادل الحوارات القصيرة مع زملائه».
3 اختبارات
يضمّ مشروع العربية التفاعلية أيضًا ثلاثة اختبارات، حيث يحتوي كل اختبار على 100 سؤال آلية التصحيح بعد كل أربع وحدات؛ ليكون مجموع الأسئلة 300 سؤال، وذلك بخلاف عشرات الأسئلة والتدريبات التي تتخلل الوحدات، وهي على النحو التالي:
• اختبر نفسك «للوحدات: الأولى إلى الرابعة».
• اختبر نفسك «للوحدات: الخامسة إلى الثامنة».
• اختبر نفسك «للوحدات: التاسعة إلى الثانية عشرة».
الملاحق
يضمّ مشروع العربية التفاعلية ثلاثة ملاحق، على النحو التالي:
• نصوص فهم المسموع «كتابيا وصوتياً» ونماذج الأجوبة.
• ملخص للتعبيرات والمفردات مرتبة حسب الوحدات.
• ملخص للتراكيب النحوية مرتبة حسب الوحدات.
التغذية الراجعة
يتيح المشروع الفرصة للتعرف على أصوات المستفيدين، والاطلاع على المشكلات التي قد تواجه المعلمين أو المقترحات والملاحظات التي يقدمونها، وذلك عبر البريد الإلكتروني الخاص بالمشروع، حيث يقدم الأعضاء باستمرار ملاحظات وتغذية راجعة حول المشروع، الأمر الذي ساعد على تطويره وتحسينه. كما ساعد التواصل مع المستخدمين في معرفة جانب آخر لا يقل أهمية، وهو معرفة انطباعاتهم حول المشروع، حيث أشاد معظمهم بفكرة العربية التفاعلية وأكدوا أنهم كانوا في حاجة ماسة لهكذا برنامج.
تطبيق مجاني
مشروع العربية التفاعلية متاح عبر تطبيقات الأجهزة الذكية mobile applications «آيفون، آيباد، وسامسونج» حيث نشر تطبيق Interactive Arabic وفق مواصفات واشتراطات نظامي «IOS» و«Android» ويقدم مجانا على متجري «Apple» و»Samsung» خدمة للغة العربية وحرصاً على نشرها بكل الوسائل، وسيبدأ العمل على ترقية النسخة الحالية وتقديمها للمستفيديين قريبًا.
إضافة تعليق جديد