قرأت لك

التفكير في إعادة التفكير
تأليف: لورا أوتس

قدمت «لورا أوتِس» مؤرخة العلوم وأستاذ اللغة الإنجيزية في جامعة أكسفورد من خلال كتاب (التفكير في إعادة التفكير) طرحًا عن اختلاف طريقة التفكير بين الأشخاص، بعد أن درسَت عقول ثلاثين شخصية من كُتَّاب روايات وشعراء وعلماء، ركزَت فيها على إحساسهم الفردي المتضمن صورَ العقل المرئية واللغة اللفظية التي تُستخدم في العملية العقيلة مثل التخطيط، وحلِّ المشاكل.

ودعت المؤلفة إلي عدم الحكم على أفكار الآخرين وتصرفاتهم إلا بعد فهم طريقة تفكيرهم، مشيرةً إلى أنَّ العديد من المبدعين دخلوا مجالات تتطلب مهارات غير سهلة، وأنَّ التركيز على القدرات كونها “بصرية” أو “لفظية” هو تبسيط للأمور، والأهم هو كيف ترتبط معًا وتتطور.

وقالت في مقدمة الكتاب: على مدى سبعة وعشرين عامًا من تقديم المحاضرات التعليمية التي تجمع بين العلم والأدب والكتابة، استولى عليَّ سؤال: كيف يفكر الناس وبأي طريقة؟! ومن هذا الكتاب سوف أُعرِّف التفكير باعتباره طريقة واعية يقوم بها الناس لمعالجة المعلومات.

وأضافت: لقد اكتشفت أن عوالم الناس العقلية تختلف بشكل مدهش، عندما حاولتُ أن أرسم أشكال البروتنيات، دهشتُ للغاية وظللتُ أحدِّق في هذا الشكل الثنائي الشبيه بالحلوى في كتاب الكيمياء العضوية، والذي يصرُّ مؤلفوه على أنَّ أشكال البروتنيات مرسومة ثلاثية الأبعاد، أما أنا فلم أرَها كذلك.

وأشارت في أحد فصول الكتاب إلى الفيلم الذي عرض عن العالمة (تامبل غراندين) أستاذة علم الحيوان المصابة بالتوحد، والتي كانت في سِنِّ المراهقة تملك ذاكرة بصرية استثنائية، سألها معلم العلوم إذا كانت تستطيع تذكر تفاصيل وأشياء عادية، مثل الأحذية مثلاً، ثم انتقل المشهد إلى وميض متتابع لصور أحذية يتزايد مع حدَّة في الإثارة  يمثل نشاط غراندين العقليِّ، وكأنه محرك البحث لصور جوجل، ثم سردت غراندين بأسرع ما تستطيع أنواع جميع الأحذية التي رأتها، ولكن كان حديثها لا يواكب سرعة ذاكرتها البصرية، سألها معلم العلوم: “إذًا أمكنك تذكُّر كلِّ الأحذية التي رأيتِها من قبل؟” فأجابت: “بالتأكيد، أليس بإمكانك القيام بذلك؟!”

وتضيف «أوتِس»: لقد شاهدتُ العديد من هذه الأمثلة بعد انتقال اهتمامي من مجال العلوم إلى الأدب، ورأيتُ دهشة الناس وهم يقيمّون قدرة عقول الآخرين أو عدم قدرتها، مثل تدوير الحرف «N» ذهنيًّا لتسعين درجة، ثم ملاحظة ما ينتج من شكل جديد، لقد شعرتُ بشعور الناس القوي -أو الضعيف- عن افتراضهم أنَّ لكل الأشخاص طريقة واحدة في التفكير، وتأكدت أن هذه الافتراضات لا تحبط التواصل فحسب؛ بل يمكن أنْ تجعل المبدعين يعتقدون أنهم لا يفكرون على الإطلاق.

وختمت المقدمة بالقول: لقد وضعتُ هذا الكتاب لمن سبق وقيل له “أنت لا تفكر” وخاصة وفي كثير من الأحيان في حالة ارتكاب الأخطاء أو السهو.

وحتى وقت قريب، قدَّم كثير من علماء الأعصاب وعلماء النفس دراسات مثيرة للاهتمام عن الفروق الفردية هادفين إلى بناء معرفة شاملة عن الدماغ الإنساني، وكان قرار اختيار التركيز على الصفات الإنسانية المشتركة قرارًا واعيًا ومستنيرًا من أجل إرساء الأساس لهذا المجال الجديد، حيث أن الاهتمام بالاختلافات الشخصية يناقش دائمًا، وركز علماء الطب المخبريِّ على القواسم المشتركة وقدموا بيانات يمكن الوثوق بها.

وختمت «أوتِس» كتابها المثير بالقول: بعد أنْ عملتُ في المختبرات لمدة عشرة أعوام، أقدِّر ذلك الابتكار والتفاني، والشجاعة من العلماء التجريبييّن، حيث إن تصميم التجارب المتحكم بها لاستكشاف وظائف معقدة مثل طرق التفكير والكتابة تدلُّ على بداية مشجعة.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA