العلم والمال.. أيهما وسيلة وأيهما غاية؟

يقول الشيخ محمد النابلسي في قصة طريفة إن الصينيين القدماء لما بنوا سور الصين العظيم، تسلل الأعداء عن طريق السور ثلاث مرات، فتساءلوا وبحثوا في الأمر كيف يدخل الأعداء رغم وجود جدارن عازلة، فوجدوا أن الأعداء تسللوا لأنهم خدعوا حراس السور، فعرف الصينيون بعدئذٍ أن بناء الإنسان أهم من بناء الجدران.

من هذا المنطلق تهتم وزارة التعليم في بلادنا ببناء الإنسان من خلال التعليم، فالعلم هو الذي يحعل هناك طائرات، وغواصات، وحواسيب، والعلم هو الذي يميز الحضارات، فأكثرهم تميزاً بالعلم، أكثرهم تقدماً في الحضارة. 

في بلادنا نجد طالباً خريج ثانوية يقول أريد أن أدرس قانوناً، لأنه أسهل من الفيزياء، أو شخصاً يدرس ماجستير حتى يترقى في وظيفته، فهذا من سوء الفهم لمعنى العلم تماماً، فمن غير المنطقي لطالب العلم أن يكون هدفه المال.

المال لا بد أن يكون وسيلة وليس غاية، فهو يساعد الإنسان على العيش في هذه الحياة، فالغاية من العلم هو العمل به وتعليمه للآخرين، ولو كان المال غاية لكان الإنسان «تاجراً» ولا يسمي نفسه «طالب علم»، ولماذا يدعي ذاك الشخص الذي يقول إنه يدرس القانون أنه يهدف لنفع الناس ورفع هيبة البلاد، في الوقت الذي يبحث فيه عن المال والمال فقط!

أخبرني زميل لي أن هناك مدرساً يدرس الطلاب في الابتدائية ولكنه يكره التدريس، فلما سئل لماذا تدرس إذن؟ قال: لأجل الراتب. فما بالكم لو كان هذا المدرّس يعلّم العلم الشرعي وهدفه المال والراتب فقط، ألا يسمى منافقاً؟! وكذلك في العلوم الأخرى، فالنفاق يكون في القلب والنية، والقلب هو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله.

على كل طالب علم أن تكون همته عالية، أكبر من همة المال، وأن تكون أهدافه كبيرة وسامية وبعيدة المدى، فلن نتقدم إلا بإصلاح الهدف من العلم وإصلاحه يكون بإصلاح القلب والنية والسعي لسد النقص والخلل في المجتمع، فطالب العلم إذا كان هدفه تلبية حاجة المجتمع إليه وسعى بكل همة لسد النقص، فهكذا سوف يحصل التقدم والازدهار للمجتمع.

يوسف محمد الحمدان

كلية علوم الحاسب والمعلومات

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA