معلّمة في قرية نائية أم موظفة في مستشفى قريبة؟

كما للشباب والرجال طموح وسعي نحو تحقيق الذات والأهداف، كذلك للفتيات والنساء طموح وأهداف وعزيمة وإصرار.

وكل شخص سواء كان شاباً أو فتاة عليه أن لا يضع حداً لسقف أحلامه، ولا يكون محدود النظر محدود الطموح، بل يجعل لكل حلم مقداراً ويرضى بما قسم الله له، ولكن بعد محاولة تتلوها محاولة، فإن سدت الأبواب فتلك أقدار قدرت هنا فقط ترفع صوتك حمداً لله، ولكن كن ذا عزم وإصرار وأضف شيئاً يذكر لدفتر مذكراتك، ليكون اسمك رناناً حتى بعد ارتحال الروح عن الجسد.

استثمر أيامك وساعات فراغك لتحقيق أهدافك وأحلامك واجعلها عتبات تساعدك على اعتلاء سلالم النجاح والمجد واحدا تلو آخر، تعلم من غير معلم، طور مهاراتك وقدراتك وابن من هواياتك ركائز من الإصرار والإبداع والإنجاز.

لا ننكر أن البطالة مرض ينهش القلوب قبيل الأجساد، وأخطر ما فيها نظرة المجتمع السلبية، وذلك الشعور الذي يتولد في نفس العاطل ويدفعه للإحساس بأنه عالة على ذاته وعلى مجتمعه، فيعتل قلبه قبل جسده، لكن هل تعلم عزيزي القارئ أن «بطالتنا» نحن من اخترناها ونحن من وضعنا أنفسنا في أسرها وقيودها ونحن من سيجني ثمارها المرة ونتائجها الوخيمة وأمراضها ومصائبها، فلن يصاب باكتئاب البطالة ويكتوي بنيرانها سوانا!

قد نلقي اللوم على المجتمع وعلى الجهات التنظيمية سواء منها القطاع العام أو الخاص، لكن ذلك لن يقدم أو يؤخر، والأفضل من ذلك أن نبدأ بأنفسنا ونبادر للانطلاق والبحث عن عمل يناسب مؤهلاتنا ومواهبنا وقدراتنا ولو لم يكن وظيفة، فليس العمل والنجاح والإنجاز منحصراً في الوظائف.

هناك المبادرات والأعمال والمشاريع الصغيرة، وهناك مراكز وصناديق تدعم الشباب من الجنسين للبدء بمشروع استثماري، فلماذا لا نقصدها ونعرض مهاراتنا وأفكارنا ونبدأ بتحقيق ذواتنا، إذ رغم الصعوبات لا بد من العمل ولا بد من التشبث برمشة أمل لكي نحيا بسعادة ونملك تلك القوة التي نتخطى بها تلك العقبات ونحقق جل الأمنيات والآمال.

بعض البشر حصر طموحه وأحلامه وأهدافه بالمال وبصناديق بأقفال يجمع فيها الأموال من غير عمل أو اجتهاد ومن غير حلم أو نجاح، ولا يعلم أن المال الذي يجمعه الإنسان بكده وجهده وعرقه يكون أكثر قيمة وبركة ويتبعه نجاح وفرح.

كل بني البشر على وجه المعمورة يرغبون خوض معترك الحياة العملية بكل عنفوان الشباب وأوج الحماس، ولكن في بلدي لا تعمل الأنثى إلا بعدما يذهب شبابها وينطفئ حماسها وتطير كل ذرة حماس بين أدراج الرياح، إذ هي محكومة بشرط أقدمية التخرج  وتربوي وغير تربوي، وتستمر الحياة بين بطالة وموت وحياة.

إن أقدمية التخرج تعريفه بكلمات بسيطة يعني أرواحاً قد دفنت وهم أحياء، وأرواح قد اشتعلت إقداماً وحماساً وأطفئت بنظام وعادات، وبعد10 سنوات قد تأتي فرصة عمل كانت سلم أمل لها لكي تعتمد على ذاتها وتثبت كيانها، ولكن بعد مضي أعوام عديدة يكون الخيار حتمياً بقبول موت محتمل وتكبد عناء السفر.

أما المجتمع المحيط بها فيفرحون ويضجون الدنيا فرحاً بتعيينها مدرّسة في ضاحية تحمل حقائبها لكي تسافر لها كل صباح ومساء، ويعبسون ويستنكرون بدوامها داخل مستشفى أو شركة أو مركز يبعد عن منزلها بضعة أمتار فقط، هذا مجتمعي! 

كثير من بنات جنسي رفعن رؤوسهن فخرا بأخلاقهن وكثير من أبناء بلدي كانوا حماة لبنات بلدهم وكثير كانوا أعداء لهن وهم في عقر ديارهم، فيا مجتمعي، شرعت الأبواب وانفلقت لكل الأجناس شتى الأعمال بكل ألوانها وأنواعها، ورغم شكري وتقديري لك يا بلدي ومجتمعي، لكن عندما ينطفئ الحماس ويموت الطموح اتركوني وارحلوا، ففي تلك اللحظة لن يكون طموحي إلا مال أؤمن به مستقبلي قبل أن أرحل عن أعينكم.

فشكرًا لك يا بلدي والعفو منكم يامجتمعي!

دانية كلابي

كلية الآداب ـ لغة إنجليزية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA