العلم دائرة دائمة الاتساع وأنت في وسطها

في فترة الاختبارات، يدخل كل طالب في دوامة الهموم والضغوط، وتزيد نسبة التركيز لديه، وتكثر بداخله هواجس الراحة وحب الانطلاق، فيعيش فترة الاختبارات بقلق وينتظر انتهاءها، ولكن هل يمكن أن يخرج الطالب من تلك الدائرة في فترة الاختبارات ويعيش حياته بشكل طبيعي ويشعر بالسعة والانطلاق!

المسألة في الأساس تعتمد على أسلوب الطالب في الفصل الدراسي بكامله ونظامه اليومي والأسبوعي، فلو كان منظماً من البداية ومتابعاً لمحاضراته ومواده الدراسية وواجباته، فإن فترة الاختبارات ستكون تتويجاً طبيعياً لجهوده السابقة وتحصيل حاصل لما تلقاه من علوم على مدار الأيام السابقة، ولن يجد صعوبة أو ضغطاً في استرجاع وتثبيت المعلومات المطلوبة.

هناك حقيقة في واقع عملية التعلم والتعليم تشعل فتيل الحماسة بداخل كل شخص واعٍ، وهذه الحقيقة منطلقها قوله تعالى ‭{‬نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)‭}‬سورة يوسف، ومفاد هذه الحقيقة أنه لا يوجد هناك شخص عالم، بل الجميع جاهل، ولتوضيح هذه الحقيقة يجب أن نقدر النسبية في قياسنا، بمعنى أنه لا يوجد شخص عالم يعلم كل شيء، بل كل شخص يرتفع في درجات العلم والمعرفة، يزداد لديه حجم السؤال، فيتطلع لمعرفة جديدة، وعلم جديد يثبته للعالم، فالوقوف في رحاب العلم يصورنا جاهلين لا عالمين، فالجهل المقصود هنا هو الجهل بما هو خلف كل معلومة جديدة، والذي يولد بدوره الرغبة في الوصول للنور الذي يلوح بالأفق دوماً، وهناك إثبات آخر لهذه الحقيقة يؤكد عليه الصحابي الجليل ابن مسعود عندما قال (فنصف العلم: لا أدري).

بهذا يمكننا تصور عملية العلم كدائرة يزداد محيطها طردياً بازدياد التعلم، والوصول لنهاية العلم والكفاية فيه أمر لا يتناسب مع الطبيعة البشرية، لذا فليعزز كل طالب علم هذه الحقيقة بداخله ليتعلم دون عائق يعطله في كونه لا يعلم مثل الجميع الذين يتصورهم عالمين، بل يجدر به أن يحيا على مبدأ أنه قادر على التعلم كلما كان لديه سؤال جديد.

نهلاء بندر البنيان nbanyan@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA