نعمة الوقت من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده، حتى أقسم الله تعالى ببعض الوقت فقال تعالى: «وَالْعَصْرِ»، لأهمية هذا الوقت وبركته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك» صحيح الجامع. كما قال صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» رواه البخاري.
تشير العديد من الدراسات العلمية إلى أن فئة الشباب في المملكة العربية السعودية تمتلك كمية لا يستهان بها من وقت الفراغ سواء في أيام الدراسة أو أيام العطل الأسبوعية أو الأعياد أو الإجازات الصيفية؛ ففي دراسة لمركز أسبار للدراسات والبحوث بعنوان «مدى تلبية الفعاليات السياحية لمتطلبات الشباب» تبين من النتائج أن أكثر من 58.3% من الشباب يفضلون قضاء وقت فراغهم أثناء عطلة نهاية الأسبوع «داخل المنطقة» التي يقيمون فيها. أما الإجازات السنوية وعطلات الأعياد فقد أوضحت النتائج أن ما يقارب نصف الشباب 47.1% يفضلون قضاءها «خارج المملكة».
ولا شك أن وجود مثل هذه الكمية من أوقات الفراغ لدى الشباب تعتبر مؤشرات خطيرة في حياتهم فهي سلاح ذو حدين، وهذا يستدعي ضرورة المبادرة في التخطيط الأمثل لاستيعابها وجعلهم يستثمرونها في أنشطة إيجابية ابتكارية.
وإن عدم توافر الإمكانات والأنشطة الرياضية والثقافية والكشفية والترويحية والترفيهية والاجتماعية والأندية الأدبية والساحات الشعبية والمؤسسات الشبابية بشكل المأمول، وانتشار البطالة بين الشباب يكمن وراء ظهور هذه المشكلة.
إن الشباب أنفسهم خير من يقدر قيمة وقت الفراغ إذا عرفوا الحاجة إلى استغلاله، خاصة وأن الكثير من المهارات الأساسية الضرورية تنقص معظم شبابنا، وهم يشعرون بذلك النقص في الحياة العملية التي تتطلب منهم تلك المهارات مثل: مهارات القراءة والكتابة السريعة، مهارات إعداد التقارير المختصرة، مهارات تنظيم الرحلات، مهارات العلاقات العامة، مهارات المقابلات الشخصية، ومهارات الحاسب الآلي، وغيرها الكثير.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا: ما الحلول التي يمكن أن تسهم في معالجة مشكلة وقت الفراغ لدى الشباب؟
لا شك أن تنمية شعور الشباب بالمسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة المحيطة بهم سواءً في المنزل أو الحي أو المدرسة أو الجامعة أو المجتمع بوجه عام، لها أثر بالغ الأهمية في استغلال وقت الفراغ بالشكل الصحيح، خذ على سبيل المثال المشاركة في مشروعات الخدمة العامة، والتطوع في أعمال الخير والبر والإحسان، ومساعدة العجزة والأيتام والجرحى والمرضى، والمشاركة في مشاريع محو الأمية، وفي نظافة الحي والشواطئ، والمشاركة في أسبوع المرور، وخدمة الحجاج، وغيرها؛ من جهة أخرى ينبغي على الشباب أن يعرف كيفية قضاء وقت الفراغ، حيث إن فهمهم الصحيح لقيمة الوقت هو الذي يحدد لهم كيفية استغلاله، وإلى اللقاء.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد