لم تعد وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي ميداناً للتسلية أو الترفيه أو تضييع الوقت وحسب، بل تحول هذا الوجه الجديد من الويب ليكون ساحة لها الفيصل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأكبر تأثيراته السياسية تمثلت بالثورات العربية والتي أصبحت جزءاً من التراث العلمي الذي ما إن يتطرق إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي حتى تتصدر أحداث الربيع العربي أول الأمثلة.
وفيما يخص مجتمعنا السعودي، كانت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية عبر هذه الوسائل واضحة الأثر، فرسوم الأراضي البيضاء أقرت نتيجة حملة على مواقع التواصل حيث كان قد احتشد المستخدمون في «هشتاقات» مطالبة بهذه الرسوم أو تنفيذ أساليب تعمل على تنظيم العمل العقاري، كذلك انتشار ثقافة العمل الحر والانفكاك عن مسلمة الوظيفة الحكومية.
وعلى المستوى الاجتماعي كان التغيير واضحاً من خلال عقد المنتديات والملتقيات التي عنيت بقضايا الشباب وتمكينهم ودعمهم، وظهور أشكال جديدة من الأنشطة الاجتماعية التي صنعت باستحياء ملامح للترفيه، كذلك عودة الأمسيات الغنائية والشعرية للساحة، كل ذلك كان في أساسه نوعاً من أنواع التواصل بين مستخدمين كان لهم رغبات أو اهتمامات مشتركة شكلت محادثات منظمة أوضحت فيها أن المجتمع أصبح على درجة من الوعي والوضوح في تحديد رغبته بتغيير أمر ما.
هذا ليس حكماً مطلقاً، فمازال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يحكمه كثير من العشوائية والسلبية ولا تزال كثير من المنصات حديثة النشأة لم تكمل عشر سنوات في مجتمعنا، وجاءت في توقيت قد تتضارب فيه توجهات أجيال ارتبطت بوسائل الإعلام التقليدية، وأجيال صغيرة في السن نمت مع هذه التكنولوجيا وأدمنتها دون وعي، وكل ذلك قد يصنع تضارباً في نتائج التفاعل من خلال هذه المنصات.
فقياس السلوك الاتصالي الجديد مطلب، وتطوير وتحكيم هذا السلوك هو الهدف المرجو، وعلى الأكاديميين والباحثين السعي لتحقيق هذا الهدف، فَقاعات الدروس ميدان خصب لتوجيه سلوك الشباب وتوعيتهم، وقبل ذلك كله والأهم الاستماع لهم وطلب رؤيتهم حول منصات التواصل الاجتماعي وأفكارهم وتوجهاتهم، لاستيعاب ملامح هذا السلوك وطريقة عمله.
أسماء عبدالله الصياح
ماجستير إعلام عام
إضافة تعليق جديد