يحظى قطاع الشباب في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، باهتمام كبير، وجدية في إحداث نقلة نوعية في دور الوزارات والجهات الحكومية في تطوير البرامج والأنشطة الموجهة للشباب من جهة، وتعظيم دور القطاع غير الربحي والقطاع الخاص في تلبية احتياجاتهم من جهة أخرى.
وتعد رؤية المملكة «2030» المنطلق الاستراتيجي ذا الأهداف المحددة والواضحة للعمل على تسخير جميع الإمكانات والموارد المتاحة لبناء المواطن الواعي المتعلم الشغوف المبتكر، وتسخير حماس الشباب ودافعيتهم في العطاء والإنتاج، والإسهام المشرّف في المحافل والفعاليات والأنشطة المحلية والدولية.
هذا إضافة إلى تخصيص جزء من ميزانية الدولة لإنشاء وتطوير البنى التحتية «النوعية» التي تلبي احتياجات الشباب في المجالات التعليمية والثقافية والتقنية والصحية والترفيهية، ونشر الأندية والمراكز الرياضية وبيوت الشباب في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها، والتوسع في إنشاء الساحات والمراكز الرياضية والاجتماعية في الأحياء، وبناء المتاحف والمعاهد الفنية التي تسهم في صقل مواهب الشباب وتنمي مهاراتهم في شتى المجالات.
وفي حين يشكل الشباب في الفئة العمرية الواسعة «15 -39 سنة» نحو «44%» من إجمالي السـكان السعوديين، ونحو «70%» من السكانِ في سنِّ العمل؛ فقد بلغ متوسط معدل النمو السنوي لفئة الشباب في المدة 1413 -1431هـ نحو «3,5%»، وهذا المعدل أعلى من متوسط معدل النمو السنوي للسكان السعوديين في المدة نفسها والذي كان يبلغ نحو «2,34%». وهذا المعدل في نسبة نمو الشباب يطلَق عليه «النافذة أو الفرصة الديموغرافية»، وهي تلك التي تظهر عندما تنمو فئة السكان في سن العمل بمعدل يتجاوز نموَّ فئة السكان المُعَالين «أي: الأطفال وكبارِ السن».
وتعد معدلات النمو المرتفعة لفئة الشباب في المملكة فرصة رائعة ومكسباً ديموغرافياً يمكن توظيفه لبلوغ أهداف التنمية الوطنية الشاملة واستدامتِها، فإضافة إلى الخصائص الديموغرافية التي تتميز بها هذه الفئة العمرية، يمثل جيل الشباب مورداً تنمويّاً واعداً إذا توافرت له فرص جيدة وملائمة للتعلم واكتساب المهارات والعمل، والدولة القادرة على تحقيق أعلى مستويات الازدهار، وفقاً لتوماس فريدمان، «هي تلك التي تنجح إلى أقصى مدى في تحويل الأعداد الهائلة من الشباب إلى ربح ديموغرافي يستمر في تحقيق مكاسب كل عقد، وليس قنبلة ديموغرافية تستمر في الانفجار كل عقد» «جريدة الشرق الأوسط، 3/4/1434هـ».
وبالنظر إلى رؤية المملكة «2030» نجدها قد حددت المرتكزات الثلاثة التي تستند إليها، والمتمثلة في «العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، وأهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي»، وجميع هذه المرتكزات تعتمد على القوة الدافعة للشباب السعودي، المعوّل عليهم -بعد توفيق الله- لإنجاح هذه الرؤية وتحقيق أهدافها.
وفي هذا الصدد أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في افتتاحيته لرؤية المملكة على ثروة الشباب بقوله: «في وطننا وفرة من بدائل الطاقة المتجددة، وفيها ثروات سخية من الذهب والفوسفات واليورانيوم وغيرها، وأهم من هذا كله، ثروتنا الأولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت، شعب طموح، معظمه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمان مستقبلها بعون الله، ولا ننسى أنه بسواعد أبنائها قامت هذه الدولة في ظروف بالغة الصعوبة، عندما وحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، وبسواعد أبنائه، سيفاجئ هذا الوطن العالمَ من جديد».
ومع أن رؤية المملكة قد استهدفت جميع فئات المجتمع؛ إلا أن العديد من محاورها وأهدافها والتزاماتها وأبعادها الاستراتيجية قد مست فئة الشباب ولامست احتياجاتهم الحالية والمستقبلية، خصوصا ما يتصل منها بالشأن الاجتماعي والاقتصادي... يتبع العدد القادم
أ. د. صالح بن عبدالعزيز النصار
مدير عام المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية
عضو مؤسس – جمعية الغد للشباب
إضافة تعليق جديد