نظرة تاريخية على العلوم الإدراكية

تعد علوم الإدراك تخصصاً جامعاً لعدة علوم، تشمل علم النفس وعلم الذكاء الاصطناعي، واللسانيات والفلسفة وعلوم الحاسب والعلوم العصبية والمنطق، والروبوتات وعلم الإنسان أو ما يدعى بالأنثروبولوجيا وأخيراً علم الأحياء بما في ذلك الميكانيك الحيوي، وتهتم علوم الإدراك بالدراسة العلمية للعقل أو الذكاء.

وقد اهتم فلاسفة اليونان مثل أفلاطون وأرسطو بفهم طبيعة المعرفة الإنسانية وطرق الحصول عليها، لكن أول من ركز الانتباه في العصر الحديث على التمايز والانفصال بين ما يسمى العقل والجسم كان ديكارت في القرن السابع عشر للميلاد، وجاء بعده عدة مفكرين تحدثوا عن الموضوع منهم فيلهلم فوندت عام 1870، وفي أوائل القرن العشرين، كان أهم أبحاث العقل ما قام به جون واتسون من وجهة نظر سلوكية تقول إن الوعي ليس هو السؤال المناسب الذي يجب أن يوضع قيد البحث العلمي وإنما يجب فقط دراسة السلوك الظاهري الملاحظ. 

في الخمسينات من القرن العشرين بدأ العلماء بوضع نظريات تتناول العقل على أساس تمثيلات معقدة وإجرائيات حاسوبية، وكان جورج ميلر مان أهم من أوجد مصطلح «التمثيل العقلي mental representations»، وقصد بها عملية تجميع المعلومات التي يشفر ثم فك تشفيرها ضمن العقل، أما جون ماكارثي، ومارفين مينسكي، وألين نويل، وهربرت سيمون، فقد  أوجدوا جميعهم حقل الذكاء الاصطناعي في نفس الوقت تقريباً، ومن ثم قام نعوم تشومسكي بنقل دراسة العقل من مدرسة السلوكية لواتسون وسكينر وغيرهم.

أما أول من صاغ مصطلح «العلوم الاستعرافية» أو «علوم الإدراك»، فكان كريستوفر لونغويت-هيغينز في عام 1973، وفي نفس العام ظهرت مجلة العلوم الاستعرافية وجمعية العلوم الاستعرافية.

الإدراك هوعملية التوصل إلى المعاني من خلال الانطباعات التي تأتي بها الحواس عن الأشياء الخارجية إلى تمثيلات عقلية معينة، وهي عملية لا شعورية، تخضع للحالة الفسيولوجية العصبية التي تكون عليها، فهناك حالات تمنحك القدرة والثقة والحب والسعادة والقوة الداخلية، وهناك حالات تعيقك وتصبغ شعورك بالأرتباك والخوف والقلق والغضب والحزن والإحباط التي تجعلك لا حيلة لك ولا قوة وتدخلك في دائرة الفشل.

باختصار: عندما تلهمك غاية عظيمة أو مشروع خارق فإن كل أفكارك ستحطم قيودها وستجد أن عقلك يتجاوز الحدود وإدراكك يتوسع في كل اتجاه وستجد نفسك في عالم جديد مدهش وعظيم.