«دكة»، و«غراس»، و«ض»: ثلاثة مشاريع ومبادرات شبابية ثقافية احتضنتها أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام «1438هـ-2017م» من جملة مشاريع ثقافية ملهمة تزينت بها ممرات المعرض في شهود وحضور ثقافي مبتكر لشباب وشابات سعوديات جمعهم الهم الثقافي والشغف الفكري.
ولعل مشروع «دكة» الثقافي زاوج بين مفهوم العوز الثقافي والفقر في القراءة مع الرغبة إلى الطعام الجسدي بنكهاته المختلفة؛ فالدكة هنا ليست فقط بناءً مرتفعاً عن الأرض يتم تسويته على هيئة كرسي مستطيل من الحجارة أو الطين أو الخشب لأجل الجلوس عليه في فناء البيت أو ملاصقاً للبيت من الخارج، بل أصبحت تشبه عربة أطعمة أو قائمة للطعام بنكهات ثقافية متنوعة.
فعندما تقترب من ديوانية دكة الثقافية في معرض الكتاب ستفاجأ بقائمة من الأطعمة الثقافية في أربعة قوالب مبتكرة، بدءًا من المقبلات الثقافية لمجموعة من الكتب اللطيفة الخفيفة فاتحة الشهية، مروراً بالأطباق الرئيسية الدسمة الغنية بالمحتوى والثروة اللغوية، أما أطباق الحلويات، فهي مزيج من الروايات والقصص القصيرة الممتعة، وتأتي قائمة المشروبات اللذيذة للكتب التي لا تتطلب أكثر من جلسة واحدة لالتهامها.
ومما يثير العجب في قائمة الطعام المطبوعة أن الطبق الرئيسي فيها عبارة عن قطعة لحم مشوية معتقة بأنواع البهارات والنكهات المثيرة لشهية الجوع، وقد عانقت في حياء شريحة ثقافية لكتاب من زمن ما قبل الطباعة «مخطوطة» تذكرك بأن القراءة ليست مائدة اليوم فقط بل هي منذ أن خط القلم في رقاع القرطاس؛ لذا فأنت بحاجة للشوكة لتأكل شواء اللحم وللقلم لتمضي به توقيعك بالقراءة.
ومما يثير الدهشة أن قائمة الطعام تزينت بعبارة ذكية على امتداد الطبق الرئيسي تقول للجميع «نحن لا نعيش.. لنأكل» هكذا فقط، وعليك إكمال العبارة كيفما تشاء!
«دكة» مشروع ثقافي شبابي مبتكر أسسه سبع شابات سعوديات ليكون ديوانية ثقافية وفضاء معرفياً وفكرياً، وقد يؤول في بعض أهدافه ليكون منصة للاستشارات الثقافية للذين لديهم شغف بالقراءة وحب للمعرفة في قالب ممتع ومثير.
أما «غراس» فهي مؤسسة تجارية غير ربحية تقدم برامجها وخدماتها للفتيات في الفئة العمرية من 15 إلى 25 سنة، وقد ابتكرت المؤسسة مبادرة ثقافية تحت عنوان «أتمنى _ كتاباً» وهي عبارة عن هاشتاق في فضاء تويتر الممتع، يتيح للآخرين عرض كتب للإهداء، وعندها يمكنك حجز نسختك من الكتاب لتطلبه من صاحبه ليأتيك على عنوانك البريدي وقد تدفع أجور البريد فقط، وقد تجده في معرض كتاب أو في رفوف مقهي ثقافي أوغير ذلك، إنها مبادرة شبابية رائدة لتسهيل القراءة واقتناء الكتب.
وفي المقابل فان مشروع «ض» يقدم لك وجبة صوتية للكتاب، فكما يعرفه أصحابه هو عبارة عن منصة عربية للكتب الصوتية تستطيع طيها في جيبك، وهي تتيح لدور النشر والمؤلفين باختلاف مواقعهم الجغرافية إنتاج كتبهم بصيغة صوتية وبيعها بطريقة آمنة، إنها مبادرة شبابية رائعة ومشروع بديل للكتاب الورقي يتيح لك المتعة في القراءة في كل الأوضاع.
د. عبدالإله بن إبراهيم الحيزان
كلية العلوم
إضافة تعليق جديد