ماذا تعرف عن متلازمة «اسبرجر»؟

سلوى سالم: مرض غريب يحدث بسبب الغبار مثل الحساسية تماماً
منى اليوسف: متلازمة تشبه التوحد ولكنها إيجابية وليست سلبية
حصة الزومان: أتوقع أنها مرض شديد يحدث بسبب عدوى فيروسية 

استطلاع: نورة القحطاني

تعد متلازمة «اسبرجر» نوعاً خفيفاً من أنواع التوحد، وهي أكثر شيوعاً عند الذكور منها عند الإناث، وتتمثل باهتمام مبالغ فيه أو انشغال وسواسي بموضوع واحد، فمثلاً يصبح الطفل المصاب بمتلازمة اسبرجر خبيراً بالديناصورات، أو يصنع نماذج من السيارات، أو مولعاً بأشياء غريبة مثل المكانس الكهربائية، ويبدو بخبرته والمستوى العالي من المفردات التي يمتلكها وكلامه الرسمي شبيهاً بأستاذ صغير، لكنه يعاني من صعوبة في قراءة وفهم التلميحات الاجتماعية والتعرف إلى مشاعر الآخرين وبناء صداقات وعلاقات اجتماعية، كما أنه يعاني من مشاكل في المهارات الحركية، فماذا تعرف طالبات الجامعة عن هذه المتلازمة؟ طرحنا هذا السؤال على مجموعة من الطالبات ورجعنا بالحصيلة التالية..

مرض غريب

بداية ذكرت الطالبة سلوى سالم أن هذه المتلازمة هي مرض غريب يحدث بسبب الغبار مثل الحساسية تماماً، وتحدث خاصة عند مرضى الربو، وتحتاج لعلاج دوائي وجرعات معينة.

لم أسمع بها

أما الطالبة حصة العتيبي فقالت إن هذه المتلازمة غريبة بالنسبة لها، حيث إنها لم تسمعها عنها من قبل، وأردفت قائلة: قد تكون مرضاً نفسياً يصيب الإنسان.

تشبه التوحد

من جانبها ذكرت الطالبة منى اليوسف أن هذه المتلازمة تشبه التوحد ولكنها إيجابية وليست سلبية، وقالت إنها اكتشفت من خلال قراءتها لقصص الخيال العلمي أن بعض المخترعين والعلماء مصاب بهذه المتلازمة لأنه يركز على جانب علمي واحد منفصلاً عن حياته الاجتماعية.

عدوى فيروسية

وقالت الطالبة حصة الزومان: احتمال ولست متأكدة تماماً، هي مرض شديد يحدث بسبب عدوى فيروسية، قد تسبب أعراضاً خطيرة مثل الشلل أو الغيبوبة أو فقدان الذاكرة.

الإجابة العلمية

متلازمة اسبرجر هي إحدى مجموعات اضطرابات النمو التوحدي التي تكون موجودة منذ الولادة ولكنها لا تكتشف مبكراً بل بعد فترة نمو عادي على معظم محاور النمو، وتتراوح معدلات الذكاء لدى الأطفال المصابين بالاسبرجر بين الطبيعي وفوق الطبيعي، ونادراً ما يصاحب السبرجر تخلف عقلي أو تأخر في النمو اللغوي أو المعرفي.

أكثر ما يميزها

أكثر ما يميز طفل الاسبرجر القصور الكيفي الواضح في القدرة على التواصل الاجتماعي وتكوين صداقات مع سلوكيات واهتمامات محدودة وغير عادية، وغياب القدرة على التواصل غير اللفظي، وعدم القدرة على التعبير عن العواطف والمشاعر والانفعالات ونقص التقمص العاطفي.

يطلق البعض على الاسبرجر مصطلح «التوحد ذو الأداء الوظيفي العالي» أو «التوحد الخفيف» لأن أعراضه ليست شديدة الحدة واستجابة المريض لبرامج التدخل العلاجي والتأهيل عادة ما تكون سريعة وإيجابية.

مكتشفها

تعود تسمية «الأسبرجر» بهذا الاسم نسبة إلى مكتشفها هانز اسبرجر الذي صنفها في عام 1944 على أنها اضطراب عقلي ونفسي توحدي، على أن تسميتها «بمتلازمة الاسبرجر» لم تبدأ بالظهور حتى عام 1981م عندما قامت لورنا وينج بالكتابة عنها كاضطراب بحد ذاته، موضحة أوجه التشابه والفرق بينها وبين اضطراب التوحد، وبدأ بعد ذلك العديد من الاختصاصيين بتطوير سلسلة من أدوات القياس والتشخيص لمتلازمة الاسبرجر والذي يصيب 1 من كل 250 طفلاً ويصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة تتراوح ما بين ٩ إلى ٢.

أعراضها

أعراض الأسبرجر متعددة ومتنوعة وتختلف من فرد إلى آخر وليس بالضرورة أن تظهر جميع الأعراض مجتمعة في شخص واحد وبنفس الحدة ولكن قد تشكل النقاط التالية أهم سمات الأشخاص المصابين بالاسبرجر:

- قصور في القدرة على التواصل الاجتماعي واستخدام لغة الحوار والمحادثة وفهم التلميحات ذات الدلالات الاجتماعية أو ما يسمى بـ«المنهج الخفي».

- صعوبة شديدة في تكوين صداقات وإذا تكونت تكون لفترة قصيرة جدا ولذلك دائماً ما يعاني مريض الاسبرجر من الوحدة أو العزلة.

- دائما ما يتحدث طفل الاسبرجر مع الآخرين دون النظر مباشرة إليهم، ولا يعبأ كثيراً باهتمامات الآخرين وأحاسيسهم حيث يتعذر على مريض الاسبرجر وضع نفسه مكان الآخرين أو فهم مشاعرهم.

- عدم القدرة على البدء والاستمرار في حديث متبادل بشكل طبيعي حيث يتسم الحديث مع الآخرين بالرد القصير والتمسك بالمعنى الحرفي المباشر للكلمة أو الجملة.

- استخدام أنماط لفظية غير عادية لمن هم في مثل سنه تتميز بالتكرار الممل أو تعليقات غير مناسبة للموقف.

- التحدث بصوت مرتفع وعلى وتيرة واحدة والتطويل في نطق الألفاظ مع لهجة متكلفة ورسمية.

- الانتباه لأدق التفاصيل والتي قد لا تكون لها تلك الأهمية لدى الآخرين مما يسبب للطفل صعوبة بالغة في فهمه لما يقرأ أو يسمع.

- التمسك بالروتين وعدم الرغبة في التغيير، ويشمل ذلك طريقة التفكير والسلوك حيث يصر طفل الاسبرجر على القيام بالأعمال بطريقة تكرارية مملة فيتحدث بإسهاب في موضوع محدد دون غيره ويحاول معرفة كل ما يخص هذا الموضوع بالتحديد، كما يشعر بالإنزعاج الشديد والانفعال بسبب أي تغير في نمط الحياة اليومية أو الأعمال الروتينية مثل تغيير المكان أو برامج النشاط اليومي.

- عدم تناسق في الحركة الوظيفية سواء عند المشي أو الركض أو اللعب أوالكتابة.

- كثرة التململ والاهتزاز وعدم هدوء الجسم عن الحركة «اللاإرادية»، خاصة عندما يكون في حالة اهتمام أو تركيز أو توتر.

- عدم اهتمام بالنظافة الشخصية كعدم الرغبة في الاستحمام وتغيير الملابس أواستخدام الروائح العطرية.

- الفرط الحسي، حيث يتميز طفل الأسبرجر بتيقظ الحواس الذي من شأنه أن يسبب له الإنزعاج الشديد من الأصوات والأنوار والروائح التي قد تبدو عادية للغير أو الإحساس بالألم من أبسط المسببات مثل تقليم الأظافر أو عدم الإحساس أحيانا أخرى بالألم.

- صعوبات في النوم.

- مشاكل سلوكية وأكثرها شيوعاً العنف وسرعة الانفعال والعناد كما أن طفل الأسبرجر قد يعاني من أمراض نفسية أو عصبية أخرى مصاحبة لهذا المرض مثل الاكتئاب والوسواس القهري.

الأسباب

رغم كثرة البحوث التي تناولت إعاقات النمو الشاملة والمختلفة فلا يزال هناك الكثير من الغموض الذي يحيط ببعض جوانب الاسبرجر من ناحية العوامل المسببة له، فقد يرجع سبب الإصابة إلى عوامل جينية، كما أن العوامل الخارجية من ملوثات البيئة مثل المعادن السامة كالزئبق والرصاص «كتلك الموجودة في مصل التطعيم الثلاثي»  واستعمال المضادات الحيوية بشكل مكثف أو التعرض للالتهابات أو الفيروسات قد يكون لها دور في إمكانية الإصابة بالأسبرجر، وقد يحدث نتيجة الإصابة بالاسبرجر زيادة نفاذية الأمعاء ونقص الفيتامينات والمعادن، وضعف المناعة، وزيادة الحساسية ونقص مضادات الأكسدة ونقص الأحماض الدهنية ونقص قدرة الجسم على التخلص من السموم والمعادن السامة، وكل هذا من شأنه أن يزيد حدة الأعراض المصاحبة للاسبرجر كزيادة العنف والاكتئاب.

التشخيص

يمر الطفل المصاب بالاسبرجر في السنوات الأربع الأولى من عمره بمراحل نمو تشبه إلى حد كبير مراحل نمو الطفل الطبيعي من حيث المشي والتكلم والتخاطب والتجاوب مع الغير والتخلص من الحفاظ، إلا أنه قد يلاحظ على الطفل في هذه المرحلة المبكرة كثرة البكاء دون سبب واضح وشراهة في الأكل وصعوبة في النوم، وبعد السنة الرابعة عادة ما تبدأ بعض علامات الاسبرجر بالظهور، وقد تأخذ صورًا مختلفة، منها عدم الرغبة في اللعب مع الأطفال وانعدام اللعب التخيلي والابتكاري والالتصاق الدائم بالأم وعدم النظر مباشرة إلى الآخرين عند التحدث وعدم الإشارة إلى الأشياء.

ويتم التشخيص عن طريق تقييم شامل للنواحي البيولوجية والتطورية للطفل التي تشمل النواحي الذهنية والعصبية واللغوية، والجانب النفسي والسلوكي، والتناسق الحركي الوظيفي «التقاط الكرة، استخدام المقص، الكتابة»، بالإضافة إلى تقييم المهارات اللفظية وغير اللفظية «الإشارة إلى الأشياء، النظر إلى المتحدث» ونقاط الضعف والقوة في أساليب التعلم، والمهارات الإجتماعية، ومدى استيعاب اللغة الإيحائية «النكت، المزاح، السخرية» ومهارات الحوار «الإجابة عند السؤال، إعطاء الدور للآخرين للتحدث، موضوعية الحوار، وضوح المعنى، وترابط الحديث في الحوار».

العلاج

يميل الطفل المصاب بالاسبرجر لاتباع روتين معين في حياته لإحساسه بالخوف وعدم القدرة على افتراض التوقعات، وعادة ما يصاحب ذلك الإحساس بالإرهاق كلما زادت الضغوط وفقد الطفل الإحساس بالسيطرة على الموقف، وقد يكون اتباع البرنامج التالي في التعامل مع الطالب المصاب بالاسبرجر مساعداً له في التغلب على الرتابة التي أساسها الخوف وذلك عن طريق: توفير بيئة تعليمية واضحة الأهداف وآمنه  للطفل، التقليل من التغييرات المفاجئة، تزويده ببرنامج للروتين اليومي المتوقع، تجنيبه المفاجآت بحيث يتم إخباره بوضوح عن البرنامج الدراسي المتوقع أو أي تغيير قد يطرأ على الجدول الدراسي «مثل الامتحانات والنشاطات»، وأخيراً محاولة معرفة هوايات الطفل واهتماماته للتمكن من إدراجها ضمن النشاطات التي يطلب منه القيام بها.

د. نعمة المطيري

الإدارة العامة للتربية الخاصة

تجربة مصاب

تروي هوليدي ويللي «1999» إحدى المريضات بالاسبرجر في كتابها «تظاهر بأنك طبيعي» والذي تصف فيه معاناة المصابين بالأسبرجر فتقول: «تخيل أنك تعيش في عالم مليء بالضجيج وبأصوات الصفارات والمزامير المرتفعة، والأنوار القوية تسطع في عينيك وأنت لا تستطيع أن تتحمل كل ذلك ولكنك تشعر بالعجز التام عن فعل أي شيء، وتخيل أنك مبهور بأناس تراهم من حولك وتعجب بهم، فتحاول تقليدهم في تصرفاتهم وكلامهم وحركاتهم وكل شيء فيهم، ولكنك لا تستطيع، ولا تستطيع حتى الاقتراب منهم خوفاً من أنك لن ُتحسن التحدث والتواصل معهم، فتختار البقاء في البيت مفضلاً أن تختبئ تحت السرير على أن تكون ضمن أصغر مجموعة من الناس، وتخيل أن تجد نفسك في هذا العالم وحيداً، لأنك تختلف عن كل من حولك في تفكيرك وتصرفاتك وأحاسيسك وسلوكك وميولك ومخاوفك، وتخيل بأنك تعرف أن سبب اختلافك عنهم هو نفسه السبب الذي يعيق قدرتك على التواصل والأخذ والرد معهم، لتعلم بعد ذلك أنه من شبه المستحيل أن يكون لديك أي صديق»!

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA