كيف نعيش في بيئة صحية ونظيفة؟

يحلم الإنسان دائماً بالعيش في وسط بيئة سليمة وصحية ونظيفة خالية من المنغصات والمكدرات المادية والذهنية والنفسية، وإذا توفرت تلك المقومات وانتفت تلك الملوثات يتواصل العمل وتزدهر القدرات ويظهر الإبداع ويتحقق الإنتاج، ومن ثم تسير الحياة على هذا المنوال بأسلوب سوي ونهج قويم؛ لذلك نتطلع إلى تربة صحية نعيش عليها وماء صاف نشربه وهواء نقي نتنفسه.

تتجسد البيئة في كل ما يكتنف الإنسان وحياته في هذا الكون من سمات ومظاهر متعددة، أهمها الماء والهواء والتربة والنبات، وتمثل البيئة من حيث إنمائها وتطويرها وحمايتها والحفاظ على مصادرها الاقتصادية ومقوماتها الطبيعية ومعالمها التراثية؛ هاجساً عالمياً تشترك فيه جل، إن لم يكن كل دول العالم في عصرنا الحاضر.

ولقد برزت مشاكل البيئة والسعي لإيجاد حلول لها على مستوى عالمي منذ زمن بعيد، وإن تعددت تلك المشاكل لكنها في نهاية المطاف تلتئم في صورة واحدة وتلتقي في إطار مشترك، ألا وهو ما يرتبط بالأرض التي نتواجد على أديمها والتربة التي نزرعها والهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه والمصادر الإقتصادية التي نعتمد عليها بعد الله في حياتنا ومعاشنا.

يعتبر التحضر والتصنيع ظاهرتين مألوفتين على نطاق عالمي واسع، فهناك الكثير من البشر يزحفون إلى المدن ويتجمعون فيها ويقطنون بها مما يزيدها حجماً واتساعاً، وهذه التجمعات البشرية ذات الكثافة العالية تتطلب مياهاً صالحة للشرب والاستعمال، كما تتطلب هواءً نقياً صالحاً للتنفس، وتتطلب أيضاً التخلص الصحي من النفايات التي تنجم من سير الحياة الاعتيادية، كذلك أنظمة حديثة من شبكات المواصلات والاتصالات والكهرباء والمياه إلى جانب مرافق الترويح والترفيه.

إن أخطر ما يعتري التربة ويؤثر تأثيراً كبيراً على النباتات التي نتغذى على أوراقها وثمارها هي تلك النفايات )من مخلفات عضوية وغازية وكيماوية وصناعية وبترولية وطبية، إلخ(، والتي يتم التخلص منها أحياناً بشكل عشوائي قد لا يخضع لطرق ومعايير صحية متبناة، وبالنسبة للماء فما زلنا حديثي عهد بأساليب وأنظمة الصرف الصحي مما يجعل بعضا من مخزون حاويات الصرف أو ما يعرف عندنا بالبيارات, حري بأن يختلط بالمياه الجوفية التي نعتمد عليها في الشرب والتغذية والاستخدامات الصحية الأخرى.

أما الهواء الذي نستنشقه فلا شك أن السيارات والمصانع ومحطات الكهرباء تسهم بنصيب لا يستهان به في تلوثه بما تنفثه عوادمها في الفضاء من أبخرة دخانية وملوثات كيماوية وغازات كربونية، ولعل الحل الناجع والمؤثر لقضايا البيئة في بلادنا يكمن في إيجاد مبادرات نحو تمويل الخطط والمشاريع والأبحاث والدراسات العلمية المتعلقة بالطاقة والبيئة والتلوث لعلاقاتها الوثيقة بحياة الإنسان وكافة الكائنات الحية.

ولا شك أن الاهتمام بالبيئة وسلامتها والحفاظ على سماتها الجمالية ومقوماتها التراثية يصب في أولويات مهام وتطلعات الوزارتين الفتيتين وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، كما هو بلا شك من صميم اهتمامات وتوجهات الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وذلك نحو تشجيع وتمويل الأبحاث المتعلقة بالبيئة.

كما تشاركها مراكز البحوث أمثال مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، كما تنضم إلى القافلة الجامعات السعودية بما لديها من مراكز أبحاث رائدة ذات إمكانات علمية متطورة.

ولعل هذه الجهود كلها تسهم في الاهتمام بقضايا الطاقة والبيئة وفقا للخطوات التطويرية الحثيثة التي تسير بها الجامعات نحو إيجاد مراكز للتميز البحثي وكراسي البحوث وما يستقطبه ذلك من دعم كبير وتمويل سخي من قبل شخصيات وجهات ممولة لتمويل أبحاث تنويع الطاقة وترشيدها وحماية البيئة وسلامتها.

أ. د. عبدالله محمد الشعلان

أستاذ الهندسة الكهربائية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA