ماذا تعرف عن الاستاتيكا الاجتماعية؟

سعد القحطاني: أحوال المجتمع وطرق التعامل معه وعلاج الحالات السلبية ودعم الإيجابيات
ماهاما وي جا: خدمة اجتماعية يقدمها أفراد المجتمع كل حسب تخصصه ودراسته الجامعية
إبراهيم الداعج: هي حالة اجتماعية تفسر سلوك المجتمع بأفراده ومنظماته تجاه تغيير ما

 

استطلاع: عبدالرحمن فقيهي

 

 

لا شك أن أبرز مظاهر المجتمع التعاون والتضامن، ويطلق بعض علماء الاجتماع على هذه الظاهرة مبدأ «تقسيم العمل وتوزيع الوظائف الاجتماعية»، ويرون أن «التضامن الاجتماعي» لا يمكن أن يتحقق بصورة كاملة إلا إذا وجه المسؤولون في الدولة عنايتهم إلى إصلاح ثلاثة نظم اجتماعية أساسية، الأول نظام التربية والتعليم، لأن التعليم من شأنه أن يحارب الغرائز الفطرية ويهذب المشاعر الإنسانية ويسمو بمدركات الفرد وتصوراته وأحكامه، والثاني نظام الأسرة حيث تبني الأسرة على أساس الأخلاق وترويض الأفراد على تقبل مبدأ التضامن الاجتماعي ونبذ الأنانية، والثالث النظام السياسي والذي من شأنه أن يقاوم ما ينشأ في المجتمع من تصادم بين مصالح الهيئات والمؤسسات الاجتماعية وما يحدث من نزاع بين الطبقات الاجتماعية حول مشاكل الإنتاج وكيفية توزيعه، ويبرز في هذا المجال مصطلح «الاستاتكيا الاجتماعية»... فماذا يعرف طلاب الجامعة عن هذا المصطلح ومفهومه ومدلولاته..

 

سلبيات وإيجابيات

في البداية عبر الطالب سعد القحطاني عن اعتقاده بأن هذا المصطلح يعني دراسة حالة المجتمع ومدى تماسكه وترابطه وأساليب تعامل المجتمع تجاه حالات الأفراد من خلال علاج الحالات السلبية ودعم الإيجابيات.

 

تخصص دراسي

أما الطالب ماهاما ويجا فتوقع أن هذا المصطلح هو تخصص دراسي يدخل ضمن تخصصات العلوم الاجتماعية ويتم من خلاله تأهيل الطالب لخدمة مجتمعه في مجال الخدمة الاجتماعية القريبة من تخصص دراسته الجامعية.

 

مواجهة التغيير

من جانبه أوضح الطالب إبراهيم محمد الداعج أن هذا المصطلح يعبر عن حالة المجتمع وردة فعله السلوكي تجاه أي تغيير أو تطور اجتماعي يطرأ على الواقع.

*************

الإجابة العلمية

 

يعد مصطلح الاستاتكيا الاجتماعية من مصطلحات علم الاجتماع «Sociology» الذي يعنى بدراسة المجتمعات الإنسانية في حالة سكونها واستقرارها مع دراسة أجزائها ومركباتها دراسة تفصيلية، ويعود هذا المصطلح للفيلسوف الفرنسي «أوجست كونت 1798 -1857م» الذي ينسب إليه المؤرخون الفضل في إنشاء علم الاجتماع الحديث.

وتعني الاستاتيكا الاجتماعية «الاستقرار الاجتماعي» وتهتم بدراسة الأجزاء المختلفة للمجتمع ومدى تأثير هذه الأجزاء على الأجزاء الأخرى وتأثرها بها، كما تدرس الانسجام بين أجزاء المجتمع ونظمه وهو ما سماه «Social Consensus» التوافق الاجتماعي وهو ما يعني اعتماد الظواهر الاجتماعية المتبادلة على بعضها «Mutual Interdependence» والترابط الاجتماعي هو أحد الأسس الهامة في علم الاجتماع.

 

3 عناصر

وصل كونت في تحليله الاستاتيكي إلى أن المجتمع يتكون من ثلاثة عناصر أساسية: هي الفرد والعائلة والدولة، غير أن الفرد في ذاته لا يعتبر عنصرًا اجتماعيًا، فالقوة الاجتماعية مستمدة في حقيقتها من تضامن الأفراد واتحادهم مع بعضهم ومشاركتهم في العمل وتوزيع الوظائف فيما بينهم، أما القوة الفردية الخالصة فلا تبدو إلا في قوته الطبيعية.

 

طبيعة أخلاقية

وتعد الأسرة هي أول خلية في جسم التركيب الجمعي وهي ثمرة من ثمرات الحياة الاجتماعية ويعرف كونت  الأسرة بأنها «اتحاد له طبيعة أخلاقية»، لأن المبدأ الأساسي في تكوينها يرجع في نظره إلى وظيفتها «الجنسية والعاطفية»، ولا شك أن الميل المتبادل بين الزوجين والعطف المتبادل بينهما من جهة والأبناء من جهة أخرى والمشاركات الوجدانية الموجودة بين أفراد هذا المجتمع الصغير، القائم على تربية الأطفال التربية الدينية التي يغرسها الأبوان في أولادهما والحقوق والواجبات المترتبة لكل عضو في الأسرة قبل العضو الآخر، كل هذه الأمور ترجع في طبيعتها إلى وظيفة الأسرة الأخلاقية.

 

وحدة حية مركبة

نظر كونت إلى المجتمع على أنه وحدة حية ومركب معقد، أهم مظاهره التعاون والتضامن، ووظيفته الأخلاقية تابعة لوظيفته العقلية ولاحقة بها ومترتبة عليها، ويرى كونت أن مبدأ التعاون والتضامن هو الذي يسيطر على المجتمع ويحكمه، ويسمى هذا لدى بعض المفكرين المحدثين بمبدأ «تقسيم العمل وتوزيع الوظائف الاجتماعية».

 

النظم الأساسية

يرى كونت في دراسة الاستاتيكا الاجتماعية أن «التضامن الاجتماعي» لا يمكن أن يتحقق بصورة كاملة إلا إذا وجه المسؤولون في الدولة عنايتهم إلى إصلاح ثلاثة نظم اجتماعية أساسية، وهي:

- نظام التربية والتعليم: لأن التعليم من شأنه أن يحارب الغرائز الفطرية ويهذب المشاعر الإنسانية ويسمو بمدركات الفرد وتصوراته وأحكامه.

- نظام الأسرة: حيث تبنى الأسرة على أساس الأخلاق وتهذيب الأفراد على تقبل مبدأ التضامن الاجتماعي ونبذ الأنانية، ومنح الأم دورًا كبيرًا في عملية التنشئة الاجتماعية وتربية الأطفال وغرس المبادئ فيهم.

- النظام السياسي: والذي من شأنه أن يقاوم ما ينشأ في المجتمع من تصادم بين مصالح الهيئات والمؤسسات الاجتماعية وما يحدث من نزاع بين الطبقات الاجتماعية حول مشاكل الإنتاج وكيفية توزيعه.

 

تربية عصرية

وبخصوص إصلاح نظام التربية والتعليم يرى كونت أن المجتمع يحتاج إلى نظام من التربية العصرية يحل محل دراسة الآداب والنظريات المجردة وهذا النظام لابد وأن يقوم أولاً على معرفة حقائق العلوم الوظيفية الجزئية، وثانياً على أسس علمية تنحو بالنشء بعيدًا عن الجمود والعقم النظري ويؤهل الأفراد للمشاركة بصورة إيجابية فيما يتطلبه المجتمع من وظائف جديدة.

 

3 مراحل أساسية

وقسم مراحل التعليم إلى ثلاث مراحل، مرحلة ابتدائية، وثانوية، ومرحلة عالية وظيفتها إعداد الشباب لمواجهة حياتهم العملية، كما أنه تناول الإصلاح الأسري المستمد من الأنظمة، حيث يركز بصفة خاصة على الوظيفة الأخلاقية والتربوية، فالأسر الصالحة هي التي تشيع بين أفرادها عواطف حب الغير والتودد والتراحم فيما بينهم.

 

أهمية الحكومة

وبالنسبة لإصلاح النظام السياسي عرض كونت لوظيفة الحكومة وحللها وقرر أن هذه الوظيفة ليست سهلة الأداء وليست مقصورة على تنظيم مؤسسات الأمن أو ضمان سلامة الشعب ونشر الأمن، فالحكومة هي أولى الوظائف الاجتماعية وأهمها، وهي دليل على مبلغ تقدم المجتمع وهذا التقدم مرهون بنظام هذه الهيئة ومبلغ انقياد الأفراد لها ومدى سلطتها عليهم، فوظيفة الحكومة في نظره تقوم على مبدأ التضامن في المجتمع والحرص على وحدته.

 

أ. حسن بن إبراهيم عين

وكيل قسم الدراسات الاجتماعية 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA