تواصل المملكة مسيرة التطور والبناء والتنمية يصاحبها استثمار أمثل في الإنسان
وضعت الرؤية أهدافاً رقمية محددة في كل مجال من هذه المجالات لتحقيقها بحلول 2030
حقق التعليم خطوات واعدة وذللت وزارة التعليم الصعاب أمام تميز المرأة السعودية
توفر المملكة الرعاية الصحية والاجتماعية مجاناً لمواطنيها من خلال مراكز وإمكانات متطورة
تلتزم المملكة سياسة خارجية تتسم بالرصانة والاعتدال والاتزان والحكمة وبعد النظر
دأبت المملكة على مد يد العون والمساعدة الإنسانية للدول العربية والإسلامية والصديقة
تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني في الأول من الميزان، الموافق 23 سبتمبر من كل عام، وذلك في ذكرى توحيدها وتأسيسها في 23 سبتمبر 1932م بقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله.
إصرار وتحديات
في أرضٍ صحراوية قاحلة وجافة كان قيام الحواضر فيها أشبه بضرب من الخيال، إلا أن عزيمة الرجال دفعتهم للتغلب على قسوة الظروف، فبدأ النمو الحضري والتطور العمراني في المملكة مع فترة ما قبل النفط 1902–1938م، وكانت مرحلة غاية في الصعوبة مادياً واقتصادياً؛ حيث ألقت ظروف داخلية وإقليمية وعالمية بظلالها على البلاد التي لاتزال فتية، وبرزت خلالها مشاكل معقدة لعل أبرزها الشُحّ الشديد حتى في مياه الشرب؛ حيث كان الاعتماد على صهاريج تجمع مياه الأمطار. وكان العام 1946م الذي أضاءت الكهرباء فيه المدن الرئيسية، فيما كانت الخدمات الصحية غائبة حتى عام 1926م، فيما أنشئت بلدية الرياض عام 1934م، أما تعبيد الطرق فلم يبدأ إلا بعد عام 1933م، كما استخدمت السيارات على نطاق محدود بعد عام 1926م.
الأمن والاستقرار
الأمن والاستقرار الداخلي كان هو ثمرة قيام الدولة، وانعكس الأمن الوارف الظلال على جل المشروعات التنموية والحياتية ومنها التطور العمراني، وزيادة التجمعات البشرية، كما انعكس بجلاء انتعاش الاقتصاد عقب اكتشاف النفط سنة 1938م، ورويداً رويداً بدأت مرحلة استقرار الأوضاع، وظهرت المدن كمراكز للخدمة الحضرية، واتجهت الدولة إلى المشروعات الإنمائية ومشروعات البنية الأساسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وكان عام 1970م مفترق طرق لمرحلة تعد الأهم في عملية التنمية الشاملة، فاتسمت هذه المرحلة بالازدهار الاقتصادي وظهور مبدأ التخطيط الشامل وإرساء قواعد الصناعة في المدن، وارتبط التحضر بالتغيير الديموغرافي والتطور الاقتصادي والاجتماعي وتنمية الخدمات، وقد نجحت خطط التنمية والسياسات المساندة لها في تحسين الأوضاع المعيشية، فشهدت المملكة على مدى عقود مضت تغيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة بذلت خلالها جهود مميزة في تنمية جميع المناطق واستغلال ثرواتها من أجل رفع مستوى معيشة الإنسان السعودي.
رؤية 2030
برنامج التحول الوطني الذي تنفذه السعودية يوصف بأنه أتى كإرادة سياسية وكمتطلب عملي أساسي لرفع درجة الاحترافية للإدارة الحكومية لمعالجة التحديات سواء التنظيمية، والإجرائية أو التشغيلية التي تعترض الجهات الحكومية لتحقيق نتائج رؤية المملكة 2030، والتي لامست في حقيقتها كافة القطاعات، ومن بينها تصحيح الآليات التقليدية لإعداد وقياس أثر الخطط الخمسية؛ حيث إن خطة التحول 2020 هي إحدى ثمرات الرؤية، وهي إحلال إستراتيجي ذكي للخطة الخمسية العاشرة يجسد إرادة قيادية وتحول إداري من الإدارة القديمة في التعاطي مع الخطط العامة إلى فلسفة جديدة في الإدارة تقوم على إعادة الهيكلة الجريئة والإدارة بالمبادرات وعلى أن يكون تخصيص الموارد والميزانيات قائماً على أساس المشروعات والبرامج وفق الربط القياسي المرحلي بين الخطط الإستراتيجية والخطط التشغيلية.
وتواصل السعودية مسيرة التطور والبناء والتنمية، يصاحبها استثمار أمثل في الإنسان بوصفه محور التنمية وأساسها، مع تحديث للأنظمة وتعزيز للإجراءات والتدابير، لمزيد من الضمانات لحماية حقوق الإنسان، وجاءت رؤية المملكة 2030 لتعكس في تفاصيلها الاهتمام الكبير بالإنسان، وتهدف الرؤية في أساسها إلى خلق نقلة اجتماعية وثقافية نوعية في المجتمع السعودي، لتأخذه إلى مصاف المجتمعات العالمية المعاصرة، فمن أهدافها تنمية مجتمع حيوي وبيئة عامرة، وتحسين الخدمات المعاصرة التي توفرها المدن لأفراد المجتمع، ورفع عدد المواقع الأثرية المسجلة في «يونيسكو» وتحسين المدن لرفعها إلى مصاف العالمية، وتصب معظم أهداف الرؤية في تحسين مقومات المجتمع السعودي، ووضعت أهدافاً رقمية محددة في كل مجال من هذه المجالات لتحقيقها بحلول 2030.
اعتدال واتزان
وفي المجال السياسي، حافظت المملكة على نهجها الذي انتهجته منذ عهد مؤسسها الراحل الملك عبدالعزيز القائم على سياسة الاعتدال والاتزان والحكمة وبعد النظر على الصعد كافة، ومنها الصعيد الخارجي الذي يهدف لخدمة الإسلام والمسلمين وقضاياهم ونصرتهم، ومدّ يد العون والدعم لهم في ظل نظرة متوازنة مع مقتضيات العصر وظروف المجتمع الدولي وأسس العلاقات الدولية المرعية المعمول بها بين دول العالم كلها، منطلقة من القاعدة الأساس التي أرساها المؤسس الباني وهي العقيدة الإسلامية الصحيحة.
وحرصاً على مصالح الأمن القومي العربي والخليجي، قادت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن ودحر الانقلابيين. كما تواصل المملكة بجهودها الإنسانية الضخمة في مساعدة المحتاجين حول العالم، وعلى رأسهم اللاجئون السوريون في المخيمات. كما عززت المملكة نهجها في دعم الحكومات المعتدلة في المنطقة والمناهضة للفكر المتطرف.
خدمة الحرمين
وفي جانب آخر من الاهتمام بالإسلام والمسلمين تواصل المملكة العربية السعودية خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما بكل ما تستطيع، فأنفقت أكثر من سبعين مليار ريال خلال السنوات الأخيرة فقط على المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، بما في ذلك توسعة الحرمين الشريفين وتتضمن نزع الملكيات وتطوير المناطق المحيطة بهما وتطوير شبكات الخدمات والأنفاق والطرق.
وقد شهدت المملكة العربية السعودية المزيد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحاتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة، تشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته مما يضعها في رقم جديد على خارطة دول العالم المتقدمة.
التعليم ثروة
ظل التعليم هدفاً رئيسياً من الأهداف التي سعى الملك عبدالعزيز وأبناؤه من بعده في تحقيقها لأبناء المملكة العربية السعودية ومحاولة تعميمه مجاناً للمواطنين.
ولقد حقق التعليم خطوات واعدة في مختلف أركانه ومرتكزاته، وسعت وزارة التعليم بشقيها العام والعالي إلى تذليل الصعاب أمام تميز المرأة السعودية في مختلف مراحل التعليم، لتنهض بمستواها العلمي والفكري وتؤكد حضورها على خارطة التنمية الوطنية، مدفوعة بتوجيهات سديدة من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي وافق مؤخراً على استحداث جائزة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للتميز والريادة النسائية في المملكة، من أجل تشجيع المرأة على الريادة العلمية محليًا وخارجيًا.
ومثلت المرأة ما نسبته 51.8% من عدد الدارسين المسجلين في الجامعات السعودية، وحققت زيادة مشهودة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في تخصصات لم تكن متاحة لهن في السابق من الدراسات العليا، بينما في مرحلة البكالوريوس لوحظت زيادة في أعداد الطالبات الملتحقات. ولم يقتصر تعليم المرأة على الجامعات السعودية الحكومية وحسب، إذ أسهم التعليم الجامعي الأهلي في توفير التعليم العالي للمرأة.
رعاية متكاملة
تحرص المملكة جاهدة على توفير الرعاية الصحية مجاناً لمواطنيها من خلال مستشفيات الدولة التي تتولى إدارتها وتشغيلها وزارة الصحة وبعض الهيئات العلمية كالجامعات ومراكز الأبحاث.
وقد تطورت الخدمات والتجهيزات الصحية بالمملكة، وظهرت بشكل متميز في منطقة الشرق الأوسط، كما أن هذه الخدمات أصبحت تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة.
وحظي القطاع الصحي برعاية المملكة واهتمامها، فنالت الخدمات الصحية ما ناله غيرها من المرافق في المملكة من تطور وازدهار، فقد تضاعف عدد المستشفيات والمراكز الصحية في المملكة عدة مرات، خلال العقود الماضية.
وفى مجال الرعاية الاجتماعية، تولي المملكة جل اهتمامها للفئات الاجتماعية من المجتمع السعودي المحتاجة إلى ذلك، وتقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ممثلة في وكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية بالدور الرئيسي في ذلك، ويشمل نشاطها رعاية ذوي الظروف الخاصة من أبناء المجتمع السعودي، كالمسنين والأيتام والمعاقين والأحداث.
مكافحة الإرهاب
تواصل المملكة العربية السعودية في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، جهودها الحثيثة والمضنية من أجل مكافحة الإرهاب ونبذ التشدد والغلو والتطرف على مختلف الأصعدة؛ من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ إنشائه عام 1424هـ وتنظيم اللقاءات والفعاليات لتشخيص واقع التطرف وأسبابه وكيفية مواجهته، بمشاركة مئات الشباب والفتيات من مختلف مناطق ومحافظات المملكة.
وقد بذل المركز جهوداً حثيثة في سبيل تأصيل الحوار مع الشباب من خلال اللقاءات الوطنية التي نظمها ومقاهي الحوار المفتوحة، بالإضافة إلى برامج تدريب في أكاديمية الحوار للتدريب واستطلاعات الرأي العام لتدريب الشباب على مهارات وثقافات الحوار والاتصال.
وقد نظم المركز لقاءات حوارية في جميع مناطق المملكة وندوات ولقاءات حوارية في النوادي الأدبية والجامعات حول التطرف وآثاره على الوحدة الوطنية، بمشاركة العلماء والدعاة والمثقفين وأساتذة الجامعات والإعلاميين والمختصين والمهتمين بالشأن العام والشباب، يمثلون مختلف الأطياف الفكرية في المجتمع، ورصدت في تلك اللقاءات المئات من الآراء والمداخلات والتوصيات من كل المشاركين والمشاركات حول هذه المشكلة، وطرحت العديد من الآراء حول مواجهتها وحماية المجتمع منها.
السياسة الخارجية
تنتهج المملكة العربية السعودية سياسة خارجية تتسم بالرصانة والتوازن والعقلانية والهدوء، وتنسجم ديبلوماسية المملكة مع مبادئها في سبيل رعاية مواطنيها ومصالحها الوطنية والمساهمة في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، مستمدة أهدافها من القيم الأساسية ومنظومة المبادئ الإسلامية.
كما تؤسس المملكة سياستها الخارجية على وضوح الهدف والثبات على المبدأ ومناصرة الحق انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه أركان هذه الدولة وهو القاعدة التي انطلقت منها نهضتها وأمنها ورخاؤها. وانطلاقاً من ذلك تحرص المملكة على مد جسور التعاون والتقارب وتوثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، وفق مبادئ الحوار والانفتاح على ثقافات العالم وشعوبها، والمسؤولية والشفافية والمبادرة.
ريادة في الإغاثة
دأبت المملكة على مد يد العون والمساعدة الإنسانية للدول العربية والإسلامية والصديقة، للإسهام في التخفيف من معاناتها، جراء الكوارث الطبيعية أو الحروب، حتى سجلت أولوية بمبادراتها المستمرة في المساعدات والأعمال الإنسانية على مستوى العالم.
وبحكم مكانة المملكة في العالم الإسلامي، تأتي خدمة الإسلام والمسلمين في جميع أقطار العالم في أعلى درجات سلم أولوياتها، حيث تبذل بسخاء جميع أنواع الدعم الذي تستفيد منه جميع الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك إنشاء المساجد ودور العلم، وتزويدها بملايين النسخ من المصحف الشريف، والمراجع ذات العلاقة بتبصير المسلم بأمور دينه ودنياه، بما يضمن عيشه بسلام وفعالية لمجتمعه.
وتتواصل جهود المملكة في العمل الخيري والإنساني، لتشمل دعم التنمية والإنتاج الزراعي في كثير من بلدان العالم الفقيرة والنامية، إلى جانب إسهامها الرائد في مكافحة الجوع والفقر على مستوى العالم، إضافة إلى دعم العمل الإغاثي الطبي والصحي.
وقامت المملكة بتخصيص مبالغ مالية كبيرة لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، تأكيداً على تواصل الجهود السعودية في العمل الإنساني الدولي.
ولا تزال عطاءات المملكة العربية السعودية الخيرة متواصلة في مختلف دول العالم، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لمد يد العون للمحتاجين والمتضررين والفقراء.
إضافة تعليق جديد