الشيء الواحد قد تقع عليه وجهات نظر مختلفة تصل إلى حد التناقض؛ لأن تلك النظرات محكومة بدوافع نفسية مختلفة، وطرائق تفكير متعددة تنعكس على حياتنا؛ فالحياة كما يقال من صنع أفكارنا!
وما تنطوي عليه نفوسنا، وما تضمره قلوبنا، وما يدور في عقولنا، كل ذلك يظهر أثره جلياً في سلوكياتنا، ويتحكم في نمط عيشنا، وسعادتنا أو شقاءنا خياران نابعان من دواخلنا، تأملوا معي هذا المشهد القصير في مبانيه، العظيم في معانيه.
وبداية هذا المشهد من قصر منيف لغني أعطى رجلاً فقيراً سلة مليئة بالطعام الفاسد!
السؤال المهم هنا: لو كنتَ أنت – أخي الطالب العزيز – مكان هذا الفقير، فماذا سيدور في ذهنك، وما هي ردة فعلك؟! جزماً سيحصل اختلاف في أفكارنا وتناقض في ردة فعلنا! لكن أتدرون كيف تعامل هذا الفقير مع ذلك الموقف!
لقد ابتسم هذا الفقير، ثم غادر القصر بهذه السلة الغذائية الفاسدة، وبعد أن وصل إلى داره المتواضع أفرغ السلة من محتوياتها الفاسدة، ونظفها، ثم وضع فيها أزهاراً رائعة الجمال، وفي اليوم التالي عاد الفقير إلى قصر الغني، وأعطاه السلة وهي تفوح عطراً وتزهو جمالاً!
استغرب الغني وسأله: لماذا أعطيتك سلة مليئة بالأشياء الفاسدة، ثم تعيدها إليّ مليئة بالزهور الجميلة؟! فأجابه الفقير بكل ثقة: كل إنسان يعطي ما في قلبه!
ما أجمل أن يعيش الإنسان بمثل هكذا قلب يظهر اللطف والإحسان كعنصرين من عناصر الحياة الطيبة التي تجعل صاحبها مستريح البال، مبتسماً، هادئاً، سعيداً، لا تستفزه المواقف المسيئة، لا يقابل الإساءة بمثلها، ينظر إلى الجانب المشرق في كل أمور حياته، يراقب أفكاره قبل تصرفاته، يتعهد قلبه المحرك لجوارحه، يجعل من الأفعال الصغيرة التلقائية مصدراً لراحته، وإحساناً لغيره.
عزيزي الطالب، ابحث عن بعض الفرص لإظهار بعض الإحسان لمن هم حولك، جربها من اليوم، وابدأ بلا تردد، لا تحتقر شيئاً ترى فيه معروفاً، ابتسم في وجوه الناس، قل «من فضلك» و«أشكرك كثيراً» و«جزاك الله خيراً».
افعل كل الخير الذي تستطيع بكل وسيلة تستطيع، بكل السبل الممكنة، في كل مكان تتواجد فيه، في كل الأوقات، ولجميع الناس، طالما أنك تستطيع، وتذكر دائماً أن أسعد الناس ليسوا أولئك الذين ينالون المزيد، وإنما أولئك الذين يعطون المزيد.
ومضة: عندما يكون أحد زملائك في حاجة، ساعده دون أن يضطر لأن يطلب منك المساعدة.
د. فهد عبد القادر الهتار
خريج جامعة الملك سعود – كلية التربية
إضافة تعليق جديد