العادات الغذائية وصحة المجتمع

زاوية: رؤية اجتماعية

تُعرف الهيئة العامة للغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية الغذاء بكل ما هو معد لاستهلاك الآدميين سواء أكان خاماً، أم طازجاً، أم مصنعاً، أم شبه مصنع. ويعد في حكم الغذاء أي مادة تدخل في تصنيع الغذاء أو تحضيره أو معالجته. أما العادات الغذائية فتعرف بأنها السلوك أو الطرق المتبعة في إعداد وتناول الغذاء وهي تبدأ من فترة إنتاج أو حصاد الغذاء وحتى تناوله.

والعادات الغذائية شأنها في ذلك شأن أي شكل آخر من أشكال السلوك البشري؛ لا تنمو من فراغ ولكنها تنمو من العديد من المصالح الشخصية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتأثيرات النفسية لكل شخص، وهذه العوامل متداخلة.

وقد مرت العادات الغذائية عبر الزمن بتطورات ثقافية مختلفة لدى شعوب العالم، ففي الهند على سبيل المثال، ركّزَ فلاسفته على أهمية الغذاء في الارتقاء بالروح وفي الحفاظ على صحة الجسد، وقد افترضوا أن التوابل، كالقرنفل والقرفة، تقوم بتسخين الجسم. أما الكزبرة والكمون فهي مهدئة. كما آمنوا بمبدأ الغذاء النقي وغير النقي، واعتبروا أن الأرز والعسل أنقى من غيرها من الأطعمة.

وكانت قبائل الآريين تمنع تناول اللحم والسمك والبيض فأصبح الناس نباتيين بشكل كامل؛ وكذلك الهندوس كانوا نباتيين حكماً ولا يأكلون أيّ طعام تنتشر منه رائحة الزنخ والزفر، ومنعوا البصل والثوم عن مطابخهم، وإن كانت بعض المطابخ المنفصلة التي تستخدم هذين النباتين في طبخ أطباق لم تكن تُعتبر نقية في شريعتهم القاسية.

أما في الصين، فقد كان الصيني يجلس على حصيرة أو وسادة مسطحة ليتناول طعامه الذي يُوضع على الأرض أو على طاولة صغيرة، والعيدان تستخدم بشكل كبير في الأكل إلا أن الحساء يؤكل بالملاعق والرز بالأصابع، وكان الحساء الساخن مشهوراً، وكان للأغنياء حساء خاص من لحم الغزال والسمك المملح وعيدان القصب مع الأرز أو لحم البقر أو الكلاب أو اللفت (نوع من أنواع النباتات يؤكل مسلوقاً)؛ أما حساء الفقراء فكان يقتصر على الخضار والحبوب بدون اللحم.

وهناك مثل صيني يقول: (أنت ما تأكل) حيث كانت مواقف الصينيين من الطعام والصحة معتمدة كلياً على هذا المثل وآمنوا بالنظرية الخلطية (Humoral Belief) القائلة بأن الكون وأي شيء فيه يتكون من أربعة عناصر: النار، والهواء، والتراب، والماء، ومن أربع خصائص: الحرارة، والبرودة، والرطوبة، والجفاف، وكان علاج الأمراض الجسدية يعتمد على قوة هذه العناصر وتداخلها وجودتها. في حين كان التقسيم الأساسي لمعتقدات الصينيين بين اليانج واليين (Yang and Yin) أي بين الإشراق والجفاف والحرارة وأصل الذكورة واليانج من جهة، وبين البرودة والظلمة والرطوبة وأصل الأنوثة واليين من جهة أخرى، إذ تكمن الفكرة الأساسية في النظريات الصينية عن التغذية في أن الغذاء والدواء يأتيان من المصدر ذاته، ويمكن للأغذية الباردة كالخضار والفواكه أن تعالج الحمى والطفح بينما الأغذية الساخنة كالكبد والدجاج أن تعالج الوهن والضعف؛ وللحديث بقية إن شاء الله تعالى، وإلى اللقاء.

د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA