التشابه في التاريخ .. الخويطر والغرايبة نموذجاً

يلاحظ قارئ السِّيَر الذاتية أن هناك تشابهاً واضحاً في سيرة كلّ من الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله بن علي الخويطر «أكاديمي سعودي» والأستاذ الدكتور عبدالكريم محمود شحادة الغرايبة «أكاديمي أردني» فكلاهما دَرَس التاريخ في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن، وحصل كل منهما على درجة

دكتوراه الفلسفة من الجامعة ذاتها، الغرايبة سنة 1371هـ/ 1951م، والخويطر سنة 1380هـ/ 1960م، وكان المشرف الأكاديمي على الغرايبة هو المستشرق البريطاني برنارد ل ويس، والمشرف الأكاديمي على الخويطر هو برنارد لويس، أيضاً.

دَرَّس عبدالعزيز الخويطر في قسم التاريخ بجامعة الرياض خلال الفترة «1380 - 1391هـ/ 1960 - 1971م» إضافة إلى مهامّه الأخرى في الجامعة، وجاء عبدالكريم الغرايبة متعاقدًا مع جامعة الرياض «الملك سعودحاليًا» ودرَّس في قسم التاريخ سنة 1381 هـ 1961 - 1962م، فكان زميلاً للخويطر بالقسم.

أصبح عبدالعزيز الخويطر وكيلاً لجامعة الرياض، وتدرَّج غرايبة في الوظائف الإدارية حتى أصبح وكيلاً للجامعة الأردنية في عمّان ورئيساً لها بالنيابة.

توفِّي عبدالعزيز الخويطر، رحمه الله، عميد المؤرخين وعميد الوزراء السعوديّين، سنة 1435هـ / 2014م، وقد جاوز الحادية والتسعين من عمره، وتوفِّي عبدالكريم غرايبة، رحمه الله، شيخ المؤرخين الأردنيّين، سنة 1435هـ / 2014م، وقد جاوز الحادية والتسعين من عمره.

شَهد لهما كل مَن عرفهما بالنزاهة والأمانة، وأنَّ كليهما تشابها في اتخاذ قرار إداري يسجَّل لهما في تاريخهما على أنه طرفة إدارية، تقول الطرفة الأولى «إن عبدالعزيز الخويطر، كتَب، بصفته وزيراً للمعارف، رسالة إلى وزير المالية يطلب اعتماداً معيَّناً، وأن عبدالعزيز الخويطر نفسَه، كتب بعد ذلك إلى نفسه، وهو وزير مالية بالنيابة، يرفض الطلب».

وتقول الطرفة الثانية «إن عبدالكريم الغرايبة، عندما كان عميدًا لكلية الآداب في الجامعة الأردنية بعمّان، طلب من سكرتيرة الكلية، وكتب كتاباً لرئيس الجامعة، طالبًا فيه كل الأشياء التي تجول في خاطره، ثم طلب منها أن ترسل الكتاب إلى رئاسة الجامعة، وكان آنذاك يشغل منصب رئيس الجامعة بالوكالة. وحين دخلت سكرتيرة مكتب الرئاسة إليه بالكتاب المعدّ، كتَب عليه عبارة «لا أوافق».

وعلَّق غازي القصيبي، رحمه الله، على ذلك الإجراء الإداري الذي اتخذه عبدالعزيز الخويطر، بقوله: «يبدو الموقف غريبًا أمام الإنسان العادي؛ أن يرفض المَرء طلبًا لنفسه؛ إلا أن الكائنات البيروقراطية تعرف أن تصرّف عبدالعزيز الذي تتحدث عنه الطرفة هو التصرف الإداري السليم؛ إذ على الوزير بالنيابة أن يتبنّى موقف الوزارة التي يشغلها مؤقتًا حتى عندما يختلف عن موقف وزارته الأصيلة».

وعلَّقت أميمة الدهان، رئيسة قسم إدارة الأعمال في الجامعة الأردنية، على ذلك الإجراء الإداري الذي اتخذه عبدالكريم الغرايبة، بقولها: «وممّا لفت انتباهي في هذا الموضوع، أنني كنت أحاول أن أشرح للطلبة، أن القرار قد يختلف في المستويات الإدارية المتباينة، فحين يكون الشخص عميد كلّيَّة، فإنه يودّ لو تخصص كل موارد الجامعة لصالح كلّيَّته، لكن حين يصبح الشخص نفسه رئيسًا للجامعة، فستكون في ذهنه طلبات الكلّيّات الأخرى واحتياجاتها».

أ. د. عمر بن سليمان العقيلي

أستاذ مشارك متقاعد من قسم التاريخ

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA