«الطالبة العاملة» تتطلع لتخفيف الأعباء ومزيد من «المرونة» في النظام الأكاديمي 

المحاضرات عن بعد وتسليم التكاليف إلكترونياً إحدى صورها
العنود: نظام كلية الصيدلة أبعد ما يكون عن المرونة وكل ما قلت هانت «جد علم جديد»!
رنا: نطالب بمراعاة الطالبة العاملة من حيث تخفيف الأعباء وزيادة وقت تسليم التكاليف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تحقيق: أسماء المالكي

 

 

الطالبة العاملة هي الطالبة التي تعمل وتدرس, لكن حياتها ليست ببساطة هذا التعريف, في هذا التحقيق التقينا ثلاث طالبات وسعينا للتعرف عليهن وعلى احتياجاتهن ومتطلباتهن في ظل التحديات المحيطة بالطالبة العاملة في جامعة الملك سعود, وبحثنا العوامل المؤثرة عليهن أكاديمياً وشخصياً واجتماعياً، وكان من أهم الأسئلة التي سعينا لمعرفة أجوبتها, الدوافع التي أدت لعمل الطالبة قبل التخرج، وهل هناك امتيازات حصلت عليها، وهل تجاوزت الصعوبات التي واجهتها، ومن الجانب الأكاديمي سلطنا الضوء على دور الجامعة ومدى مرونة النظام الأكاديمي وما قدم وما ينتظر منه, وأخيرًا دور الأسرة في دعم الطالبة العاملة أو إعاقتها..

 

عقبة إدارة الوقت

«كل ما قلت هانت، جد علم جديد».. هكذا أجابت الطالبة العاملة الشغوفة العنود المشعل، على سؤالي حول دور الجامعة في مساعدة الطالبات العاملات, وهي طالبة صيدلة إكلينيكية, في المستوى الحادي عشر «امتياز» ذات شخصية مميزة, تعمل في قسم التسويق بتطبيق «سواح»؛ أجابت على أسئلتي بشفافية وفكاهة محببة, فقالت: «سبب التحاقي بالعمل كان حب الاستطلاع واكتشاف حقول أخرى غير الصيدلة»، غير أن الصعوبات والعوائق لم تتركها, وكانت العقبة الأكبر بالنسبة لها إدارة الوقت, حيث تصفه بالعنصر السحري وإكسير الحياة لكل شخص تتعدد مهامه وواجباته.

 

الدعم المعنوي

ونوهت العنود بأهمية الدعم المعنوي فقالت: «صديقاتي آمنوا بي أكثر مما آمنت بنفسي, وعائلتي أخجل أن أشكرهم في سطرين», وعن تأثير العمل على تحصيلها الأكاديمي أجابت بأنه لم يتأثر بتاتاً, نظراً لتنظيمها، حيث يتوقع تخرجها العام القادم بمرتبة الشرف, كما أضافت أن «تأثير هذه التجربة على شخصيتي كان جميلاً جداً, أن تكون مطلعاً على مجالين مختلفين تماماً يمنحك نظرة مدمجة ومختلفة وتبدأ لا شعورياً بنقل بعض التجارب بينهما, أشياء كثيرة تعلمتها بتطبيق سوّاح كان لها أثر جميل في الصيدلة».

 

النظام الأكاديمي

وعن دور الجامعة أجابت ضاحكة: «كل ما قلت هانت، جد علم جديد». وعن مدى مرونة النظام الأكاديمي, أجابت أن النظام الأكاديمي في كلية الصيدلة أبعد ما يكون عن المرونة, حيث يتوقع تسليم المهام في وقتها, ولا أعذار تقبل, فكل شيء مجدول منذ بداية العام, لكن هذا الجدول المنظم ساعدها في إدارة شؤونها لكي تتجنب طلب المساعدة, وعن دور البرامج الطلابية قالت: «في الحقيقة عملي في تطبيق «سوّاح» كانت تسبقه بعض الخبرة في الأنشطة الطلابية، من رئاسة نادي وكوني عضوة في برنامج الشراكة الطلابية وفي  بعض اللجان داخل الكلية وخارجها».

 

خطوة كل يوم

ووصفت العنود المشعل تجربتها بأنها مهمة قائلة: «عندما تخوضين تجربة جديدة بشكل يومي، كل فترة تتعرفين على موضوع جديد وطرق جديدة, والأجمل أنك تكتشفين قدراتك وشخصيتك، عملي في مجال بعيد علمني أن الإنسان لا يجب أن يحد نفسه بمجال معين, أحياناً أن تكون ذا سبع صنايع أمر جيّد, في كثير من المرات ألغيت الكثير من الخطط لأجل أن أنهي عملاً معيناً، وكنت آخذ الحاسب المحمول في الاجتماعات العائلية, لأنجز بعض الأعمال, 

فعلاً تحتاجين استغلال كل دقيقة في يومك, لكن عندما أنظر لما فعلت، أجد لها طعماً, بالرغم من أني لم أحقق سوى جزء مما أرغب بتحقيقه، والطريق طويل, لكن أن أمشي خطوة للأمام كل يوم هذا شعور جميل».

 

مشروع تجاري خاص

أما رنا التركي طالبة حقوق في المستوى السابع بكلية الحقوق والعلوم السياسية, وتعمل في مشروع تجاري خاص, يميل للتصميم والتسويق التجاري والمجال الإعلامي, نظراً لاهتمامها بالتصميم والتسويق، ولما لديها من خبرة إعلامية سابقة؛ فقد تحدثت عن سبب التحاقها بالعمل بأنه لكسب المزيد من الخبرة، ورغبة في توسيع الخيارات المتاحة مستقبلاً، سواء على الجانب الوظيفي أو غيره.

 

مراعاة الطالبة العاملة

لم تسلم رنا من بعض المعوقات, كان أهمها افتقاد طابع النظام الأكاديمي في كليتها إلى المرونة بالكامل في نظرها, وعدم تقبل الأعذار, أو حتى المساعدة من قبل بعض أعضاء هيئة التدريس, بل تقابل بالرفض, حيث تشعر بالضغط من جراء ذلك, ولا ترى رنا دوراً للجامعة سوى في منحها العديد من الفرص التطوعية، وتقديم الدورات التدريبية التي تتناسب مع طبيعة العمل، مثل دورات التعامل مع الضغوطات ودورات تنظيم الوقت، وإدارة فرق العمل، والقيادة وغيرها الكثير، لكن من ناحية دعم الطالبات العاملات وتشجيعهن وتقديم التسهيلات قالت: «لا أجد ذلك للأسف». وأضافت: «نحتاج لمراعاة الطالبة العاملة، وزيادة وقت تسليم التكاليف، والتخفيف عنها بعض الشيء».

 

إيجابيات وسلبيات

وأفادت رنا أن للعمل أثناء الدراسة تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية، فمن الناحية السلبية ازداد ضغط العمل بين التكاليف الدراسية والمشاريع وبين المتطلبات الشخصية الخاصة، وتأثرت حالتها النفسية بضغوطات العمل وتكدس المهام، بينما التأثير الإيجابي تمثل في تنمية القدرة على إدارة فريق العمل والقدرة على تحمل الضغوطات والموازنة بين الأولويات، كما طور الجانب التطوعي حيث أسهمت خبرتها في مجال التصاميم بالمشاركة في الأنشطة الطلابية، وحول المتيازات واكتساب المهارات وهل تم الاستفادة منها في النشاط الجامعي والبرامج الطلابية ذكرت أنها استفادت من مهاراتها في العمل وكسبت العديد من الترقيات في الهياكل الإدارية للأندية الطلابية، وعن أهمية الدعم الأسري في حياتها قالت: «الحمد لله أسرتي تقدم لي الدعم الكثير، المادي والمعنوي، ووالدتي لا تنفك عن الدعاء لي».

 

مصورة فوتوغرافية

دانة المديفع طالبة بكلية الحقوق والعلوم السياسية المستوى التاسع, شغوفة بالتصوير الفوتوغرافي وتعمل بشكل مستقل كمصورة فوتوغرافية، دأبت على إبراز موهبتها وصقلها في مختلف أنشطة الجامعة, حيث دعاها شغفها بالتصوير والرغبة في الحصول على الخبرة المناسبة في هذا المجال, بالإضافة لتطوير المهارات واستغلالها إلى تكوين عمل مستقل كمصورة، وكانت العقبة الأكبر بالنسبة لها الإرهاق بسبب الدراسة والعمل, وضيق الوقت لكنها أكدت أنها تنظم وقتها جيداً, وبذلك لم يتأثر تحصيلها الأكاديمي.

 

جوانب مكتسبة

وعن الجوانب المكتسبة أجابت: «اكتسبت الخبرة والمهارة في مجال التصوير وتكوين العلاقات داخل المجال وخارجه, وبناء الثقة بالنفس, أيضا مهارة التعامل مع الآخرين وإدارة الوقت».

وعن دور الجامعة وما تحتاج أن يتم تقديمه لها, أفادت «لقد وفرت الجامعة البيئة الخصبة لاكتشاف المواهب وصقلها وذلك عن طريق الأندية الطلابية والأنشطة والبرامج, بالإضافة لسعيها لربط الطالب بالواقع العملي، وذلك من خلال تعاونها مع الجهات الخارجية, مما عاد علي وعلى كثير من الطالبات بالفائدة».

 

رئيسة نادي التصوير

وأضافت: «من ضمن الأندية نادي التصوير الضوئي الذي كنت سابقاً مديرةً له, حيث ساعدني ذلك كثيراً في تكوين العلاقات, بالإضافة إلى ممارسة التصوير من خلال الأنشطة, والرحلات التي يقدمها النادي, والمشاركة في المعارض التي يقيمها, فقد قدمت 4 دورات للتصوير في أساسيات التصوير الضوئي في عدة مدارس حكومية, ضمن البرامج الصيفية المقدمة من وزارة التربية والتعليم, بالإضافة لمدارس حكومية مسائية».

 

الدعم الأسري

وتفتخر دانة باختيارها من قبل الجامعة لتقوم بتمثيلها في جمهورية النمسا لعام 2017 بالإضافة إلى أنه تم توكيلها بالتغطية الإعلامية للرحلة, وأيضاً تم اختيارها من قبل مؤسسة الوليد للإنسانية بناءً على تعاون قائم بين الجامعة والمؤسسة لتكون عضواً في الفريق الإعلامي لبرنامج سفراء حوار الإنسانية في أدنبره لعام 2017، وأكدت دانة على أهمية الدعم الأسري لها, حيث  قالت: «أسرتي هي الداعم الأول ولولا دعمها وتشجيعها لما أصبحت ما أنا عليه الآن, فتشجيع الأسرة هو المحرك والمحفز الأساسي لاكتشاف, وصقل, وتطوير أي موهبة أو فكرة». 

***********

بوووووووووووكس

 

تعزيز الخبرة وبناء شخصية مهنية ناجحة

 

قد يكون انصهار الطالبات في البيئة الأكاديمية والانكباب على إتمام المهام الدراسية الموكلة لهن, هو الحالة المثالية للتخرج في الوقت المحدد, ما يجعل اتجاه الطالبات نحو العمل خلال فترة الدراسة عبئاً قد يظن البعض أنه لا يجب التعامل معه بمرونة, بينما لهذا «العبء» أهمية كبرى تتكامل مع دور الجامعة في بناء شخصية مهنية ناجحة للطالبة، ويظهر لنا حديث الطالبات الثلاث وتخصصهن بمجال وشغفهن بمجال آخر, إلى أهمية استكشاف المواهب, وإعطائها الفرصة لتنمو ومنحها الوقت لتتحول إلى مهنة ومصدر رزق وفتح أبواب الفرص أمامهن.

وتتطلع الطالبة العاملة بجامعة الملك سعود إلى مزيد من المرونة في النظام الأكاديمي كأن تتاح المحاضرات عن بعد ويسمح بتسليم التكاليف إلكترونياً ويراعى وضع الطالبة كموظفة أو صاحبة عمل خاص, لتستطيع أن تبرز وتصقل مهاراتها بشكل متكامل بدل أن تغرق في المتطلبات الأكاديمية, ويجرفها الهيكل المنظم والمهام الروتينية إلى فقدان كثير من التجارب والخبرات الحياتية الأخرى ثم تتخرج وهي لم تأخذ من الجامعة سوى شهادة لا تساعدها في ظل التنافسية العالية في سوق العمل, ولا شك أن هذا أحد أهداف الجامعة التي تسعى لها من خلال البرامج الطلابية المتعددة التي تطرحها للطالبات.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA