إن البيئة والمحيط الذي يعيش فيهما الطفل لهما تأثير عميق وفعّال في حياته وتكوّن شخصيّته، فالإنسان منذ نعومة أظفاره يتأثّر بما يجري حوله من ممارسات، فهو يكتسب مزاجه وأخلاقه وممارساته وطرز تفكيره من ذلك المحيط أو تلك البيئة.
ويجمع علماء النفس والتربية على أن الطفولة من أهم المراحل في تشكيل شخصية الإنسان، وأكثرها تأثيراً في حياته العامة، ولاسيما تلك المرحلة التي يعيشها مع أسرته، حيث يجب أن تؤمن له متطلبات النمو السليم, ومن هنا تكتسب العلاقات الانفعالية الاجتماعية التي تربط الطفل بأسرته، أهمية خاصة في تحديد معالم شخصيته الاجتماعية، وفق المعايير والقيم السائدة في المجتمع.
وهذا يتطّلب إحاطة الطفل بالرعاية والحب، والتعامل معه بسلوك اجتماعي سليم، بما يحّقق النمو الإيجابي والتوافق في عملية الضبط الاجتماعي في السلوك، لأن عملية التنشئة الاجتماعية «عملية معّقدة، متشابكة، ومستمرة، محورها الرئيسي هو الشخص نفسه».
إن عملية التنشئة الاجتماعية من أهم العمليات تأثيراً على الأبناء في مختلف مراحلهم العمرية، وهي تعد إحدى عمليات التعلم التي عن طريقها يكتسب الأبناء العادات والتقاليد والاتجاهات والقيم السائدة في بيئتهم الاجتماعية التي يعيشون فيها.
وتتم عملية التنشئة الاجتماعية من خلال وسائط متعددة، وتعد الأسرة أهم هذه الوسائط، فالأبناء يتلقون عنها مختلف المهارات والمعارف الأولية كما أنها تعد بمثابة الرقيب على وسائط التنشئة الأخرى، ويبرز دور الأسرة في توجيه وإرشاد الأبناء من خلال عدة أساليب، وهذه الأساليب قد تكون سوية أو غير ذلك وكل منهما ينعكس على شخصية الأبناء وسلوكهم سواء بالإيجاب أو السلب.
فالطفل يتقبل كلّ جديد، ويقّلد الكبار ويتمنّى أن يكون مثلهم، فتراه يلعب دور الأب/ الأم، أو الشرطي، أو الطبيب، وغيرها من الأدوار التي يتعرف على العالم الاجتماعي من خلالها، ولكن تبقى دائرة الطفل الاجتماعية الأساسية في مجال الأسرة، حيث يميل أحياناً إلى الاستقلالية والاعتماد على الذات، وأحياناً أخرى يلجأ إلى الاعتماد على الآخرين، وما بين هذا وذاك، يبرز دور البيئة الأسرية في بلورة النمو الاجتماعي للطفل، وتأهيله للحياة الاجتماعية الواسعة.
أثير العمري - كلية التربية
إضافة تعليق جديد