يعتبر الأسمنت من أكثر المواد الخام أهمية في الحضارة الإنسانية، حيث يستخدم على نطاق واسع في كثير من عمليات البناء والتشييد، وتتعدد أنواعه، إذ يوجد حالياً نحو 42 أسمنتاً معيارياً، وهذه الأنواع المختلفة يتم استخدامها في عدد كبير من التطبيقات المهمة، وهناك أنواع عده من الأسمنت منها الأسمنت سريع التصلب، الأسمنت المقاوم للكبريتات، وأكثر أنواع الأسمنت استخدامًا «أسمنت بورتلاند».
وبالرغم من أهمية الأسمنت في جميع مجالات البناء و التشيد، إلا أن إنتاجه في الأفران «Rotary Kiln» يتطلب حرارة عالية حتى تتم عملية الحرق، ونتيجة لذك هناك كميات عالية من الوقود الأحفوري تستخدم لحرق المواد الخام للأسمنت ليخرج لنا بالشكل المطلوب.
ويتسبب حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الأسمنت في انبعاث كميات كبيرة من الغازات الضارة، ومن أهمها ثاني أكسيد الكربون، وتقدر الأبحاث أن العملية التصنيعية للأسمنت في العالم تسهم بنحو 5% من مجمل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ذي الآثار السلبية على البيئة والإنسان.
وتتسبب الآثار الناجمة من تسرب كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، أثناء حرق الوقود، في كثير من الأمراض والأخطار البيئية، فكلما زاد الانبعاث واستمر بشكل أطول، زادت الأضرار البيئية للمصنع وكثرت نسبة أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتحجر الرئوي وسرطان الرئة والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض الخطيرة.
وحسب دراسات مثبتة فإن مصانع الأسمنت عالمياً هي ثاني مسبب للوفيات بسرطان الرئة بعد الدخان، لذلك اتجهت أبحات العلماء لتوفير وإنتاج أسمنت أقل ثلوثاً للبيئة، واقتُرح أن تتم إضافة نحو 50% من البوزلانا الصناعية «رمادالفحم أو خبث الحديد» إلى الأسمنت، مما يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي سوف تنجم عن توفير حرق الوقود للحصول على الكلنكر الأسمنتي، كما سيقلل من ماء الخلط اللازم لتكوين الخرسانة البوزلانية.
ويعد الالتفات نحو مادة البوزلانا تقدماً جريئاً نحو حقيقة جادة وصارمة للتقليل من الثلوت البيئي، فالبوزلانا عبارة عن رماد بركاني يمكن أن يستخدم كبديل للكلنكر، إذ كان الرومان يخلطون الجير مع الرماد البركاني وقطع الصخور والماء لعمل مادة بناء صلبة وأكثر تماسكاً استخدمت في تشييد المباني والمسارح والمعابد.
إن الأسمنت الأخضر مفهوم يعبر عن استخدام مواد صديقة للبئية في تصنيع وإنتاجه بأقل الانبعاتاث للغازات الضارة للبيئة، ونكون بذلك قد ساهمنا في تقليل التلوث البيئي والضوضاء ووصلنا إلى البيئات والمجتمعات المستدامة، وكلما زاد استخدام وإنتاج الأسمنت الأخضر الصديق للبيئة كلما استحق المصنع نقاطاً خضراء بيئية من مجلس المباني الخضراء، وكلما قلت أضرار مصانع الأسمنت للبيئة والإنسان أصبح المصنع أخضر وعاش البشر بسلام وأمان.
محمد سالم باهديلة
بكالوريوس هندسة كيميائية
إضافة تعليق جديد