تعطي المنظمات والمجتمعات الدولية أهمية بالغة للبحوث والدراسة الميدانية في تحسين الرعاية الصحية داخل المجتمعات، حيث تساعد المؤشرات الكمية والنوعية على رسم سياسات صحية وتقديم أفضل الخدمات الصحية لكافة شرائح المجتمع، ومحاولة توصيلها لهم حيث الاحتياج، وعدم تمركزها في منطقة أو مدينة بعينها.
وهذا ما أكدته دراسة «يكسون، وموسيالوس» التي أجريت في البرتغال عام 2001 أن هناك تمركزاً للموارد الصحية في المراكز الحضرية، واقترحت أن يتم تحويل الموارد بين الأقاليم خصوصاً بعيداً عن الأقاليم الوسطى «الداخلية» ولشبونة «الساحلية» وتحويلها نحو الشمال.
وبما أن المملكة العربية السعودية من الدول ذات المساحة الكبيرة فإن توزيع موارد الخدمات الصحية على جميع المناطق من الأهمية بمكان، وذلك لتقلل من انتقال المرضى من منطقة إلى أخرى من أجل تلقي العلاج.
ويعد اعتراف حكومة هولندا بحركة حقوق المرضى، كطرف ثالث، في نظام الرعاية الصحية بجانب الجهات المقدمة للرعاية الصحية وصناديق التأمين الصحي، بمثابة تجربة رائدة، حيث إن هذه الحركة تحفظ للمرضى حقوقهم، وتمارس الأنشطة الرئيسية مثل تقديم المعلومات عن الحالة المرضية المعينة وتسهيل الاتصال مع الأشخاص الآخرين الذين يعانون من نفس الحالة المرضية، وكذلك تسهيل تلقي العلاج والتنسيق مع المؤسسات الطبية وغيرها من الأدوار التي تقوم بها، والمرضى المنتقلين من مناطقهم إلى المدن الرئيسية لتلقي العلاج في المستشفيات في أمس الحاجة إلى وجود جمعية أو إدارة تهتم وترعى شؤونهم.
كما يعتبر نظام الإحالة بين المرافق الصحية من الأمور الضرورية داخل الدول لمنع الازدواجية، لذا نجد مستشفى الملك فيصل التحويلي في جمهورية رواندا يقوم بدور مهم، وهو مؤسسة طبية خاصة، ومثال نموذجي يمكن الاستفادة منه، حيث يوجد لديه ارتباطات مع المستوى المركزي، إذ يقدم مستوى تقنياً عالياً من الرعاية يفوق المستوى الذي تقدمه مستشفيات التحويل الوطنية، ولذلك يعتبر أفضل مستشفى تحويلي في كلا القطاعين العام والخاص.
أما في السويد فقد انخفضت النسبة المئوية للدخل القومي الإجمالي المنفق على الرعاية الصحية والطبية، وهذا يضع السويد من بين الدول ذات أدنى مستوى من المصروفات على الرعاية الصحية والطبية، ويعتبر نقل التكاليف إلى السلطات المحلية سبباً رئيسياً لهذا الانخفاض، إلا أنه أيضاً يعزى إلى إعادة هيكلة نظام الرعاية الصحية والذي يركز بقدر أكبر على العلاج الخارجي وتخفيض فترة البقاء بالمستشفى، لذا نجد أن السلطات المحلية بالسويد تتولى مسؤولية تقديم خدمات الرعاية الصحية ولديها نظامها المحلي للضرائب.
ويمكن الاستفادة من تجربة السويد في تفعيل السلطات المحلية في مختلف مناطق المملكة، والتي بدورها قد تحد من المعاناة التي تواجه المرضى المنتقلين إلى المدن الرئيسية من أجل العلاج في المستشفيات الحكومية.
أخيراً، وعلى المستوى المحلي، هناك دراسة قمنا بإجرائها عام 2010 من أجل محاولة تحديد حجم المشكلات التي تواجه المرضى السعوديين المنتقلين من مناطق المملكة إلى مدينة الرياض لتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية، وسوف نعرض لكم أهم نتائجها في المقال القادم إن شاء الله تعالى، وإلى اللقاء.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد