التنمية الصحية نهضة للمجتمع

زاوية: جامعتي 2030

حرصت خلال المقالة السابقة التي حملت عنوان «المبادرات المجتمعية لمنظمة الصحة العالمية» أن أقدم للقارئ الكريم نبذة عن الإصدار النوعي الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية «المكتب الإقليمي لشرق المتوسط» والذي يحمل عنوان «كتيب تدريبي للمبادرات المجتمعية - أدوات عملية للمدربين والمتدربين».

واستعرضت خلال تلك المقالة أهمية هذا الإصدار النوعي وأقسامه وأهم محتوياته، خاصة وأنه يشير إلى أن البرامج التدريبية التي قدمتها منظمة الصحة العالمية قد استفاد منها ما يزيد عن 15.5 مليون شخص في إقليم شرق المتوسط.

ومن خلال استعراض ذلك الإصدار القيم أثار اهتمامي تركيزه على دور التنمية الصحية في نهضة المجتمع، وتعثر تحقيق النجاح الكامل في بعض البرامج بسبب غياب الدور البشري المجتمعي فيها، وهو ما يؤكد أهمية الكوادر البشرية المدربة والالتفاف المجتمعي المؤيد لأية تنمية خاصة الصحية منها.

ويذكر هذا الإصدار أن جمعية الصحة العالمية قامت بتبني مفهوم «الصحة للجميع» في أواخر التسعينات من القرن الماضي، كما تم تبني الرعاية الصحية الأولية على أنها الأسلوب الصحيح لتحقيق المستوى الأمثل للصحة لكل فرد.

لكن هدف «الصحة للجميع» لم يتحقق بحلول عام 2000 بسبب القصور الاستراتيجي، وضعف دور المجتمع أساساً، وقلة العمل بين القطاعات، والأسلوب المتدرج نحو التنمية، وتركيز الاستثمار في البنية التحتية مع إهمال البعد البشري في التنمية.

كما يحلل هذا الإصدار أسباب عدم النجاح بقوله: «لقد ثبت أن الصحة لا يمكن أن تتحقق بأسلوب منعزل؛ لذلك فهي تتطلب أسلوباً متكاملاً متعدد الأطراف للتنمية، وإقامة شراكات نشطة بين المجتمعات وسائر المسؤولين المعنيين».

ويشير الإصدار أيضاً إلى أن الصحة ونوعية الحياة مترابطان إلى حد بعيد، ويعتمد كل منهما على الآخر، ويعتمد تحسين نوعية الحياة على حصول العائلات على أوضاع صحية أفضل، ومحو الأمية، وتحسين الظروف المعيشية، وموارد الدخل، ومن ناحية أخرى من خلال تحسين نوعية الحياة للأفضل فإننا نشجع التنمية البشرية ومن ثم تحسين الحالة الصحية.

ويكشف الإصدار أن ذلك هو السبب وراء قيام المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية بإدخال المبادرات التالية «أسلوب الاحتياجات التنموية الأساسية، وبرنامج القرى الصحية، وبرنامج المدن الصحية، والمرأة في الصحة والتنمية».

ويوضح الإصدار ومن خلال التجارب العملية مدى الارتباط بين الصحة وتنمية المجتمع، والدور الحاسم للكوادر البشرية والدعم المجتمعي في نجاح كافة البرامج التنموية خاصة الصحية منها، كما طرح الإصدار عدداً من الأمثلة التي تؤكد ذلك.

كل ذلك يؤكد قناعتي بأن العنصر البشري سوف يبقى العامل الفارق والمؤثر في تحقيق أية تنمية مجتمعية خاصة في الجانب الصحي، كما يؤكد ذلك الترابط القوي بين التنمية الصحية ونهضة المجتمع من جانب، والتنمية الصحية وتحسين نوعية الحياة في المجتمعات من جانب آخر، ولعل ذلك ما يدفعنا إلى التأكيد على أهمية الاهتمام بتنمية وتدريب الكوادر البشرية، خاصة تلك التي تتولى مسؤولية تقديم برامج التنمية المختلفة التي تدعم المجتمع وتسهم في رقيه.

أ. د. يوسف بن عبده عسيري

وكيل الجامعة للتخطيط والتطوير

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA