جاء في معنى التأمين لغة أنه «عقد يلتزم أحد طرفيه وهو المؤمن من قبل الطرف الآخر وهو المستأمن أداء ما يتفق عليه عند حلول أجل معين في نظير مقابل نقدي معلوم». أما مجمع الفقه الإسلامي فقد عرّف التأمين الصحي بأنه «عقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو مؤسسة تتعهد برعايته بدفع مبلغ محدد أو عدد من الأقساط لجهة معينة على أن تلتزم تلك الجهة بتغطية العلاج أو تغطية تكاليفه خلال مدة معينة».
في حين حددت منظمة الصحة العالمية التأمين الصحي على أنه «الوسيلة التي يتم بها دفع بعض أو كل تكلفة الرعاية الصحية الواجبة للمريض المشترك في النظام حين يمرض، فهو يحمي المؤمن عليه من دفع التكلفة العالية للعلاج في أحوال المرض».
وأساس التأمين الصحي هو قيام المشترك المؤمن عليه بدفع اشتراك منتظم لمؤسسة إدارية وهي الهيئة العامة للتأمين الصحي التي تُعد هي المسؤولة عن إدارة تلك المدفوعات داخل إطار نظام يقوم بدفع نفقات العلاج عنه حين يمرض إلى مقدم الخدمة الصحية.
الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، يميل بالفطرة إلى العيش ضمن جماعاتٍ مُنظّمة، تسير وفق أحكام وقوانين موضوعة من قبل سلطة حاكمة، وذلك من أجل تسيير مصالحه، والقيام على خدمته، وتقديم جميع الخدمات العامة له؛ كقطاع الطاقة الكهربائية، وشبكات المياه، والبنية التحتية، وقطاع التعليم، وقطاع الصحة، وقطاع الأمن، والحماية، وغيرها من الخدمات.
لكن المشكلة تقع عندما تواجه الدول وخاصة الدول النامية عجزاً في ميزانيتها بسبب ارتفاع تكلفة مصروفات الخدمات العامة، وخاصة الخدمات الصحية؛ إذ تُعد أغلى أنواع الخدمات قاطبة، وتتزايد تكاليفها تزايداً كبيراً ومتواصلاً يوماً بعد آخر في مختلف أنحاء العالم، حيث يصرف العالم سنوياً أكثر من اثنين «تريليون دولار» تقريباً على الخدمات الصحية، ويبلغ متوسط الإنفاق الصحي في العالم نسبة قدرها «9.9٪» من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي حدا بالدول للبحث عن بدائل لتمويل الخدمات الصحية وتقنين استخدامها والمحافظة على جودتها والسعي المستمر لتطويرها، فكان التأمين الصحي هو أحد البدائل المطروحة.
والمملكة العربية السعودية شأنها شأن سائر دول العالم تواجه مشكلة الارتفاع الكبير والمتسارع في تكاليف الخدمات الصحية، حيث تصرف ما يقارب «5.5٪» من ميزانيتها السنوية العامة على الخدمات الصحية، وتشير التقديرات الإحصائية للسكان إلى أنه حتى عام 2024 سوف تستمر الزيادة السكانية بالمملكة بمعدل نمو مرتفع، وذلك بسبب ارتفاع معدل الخصوبة، وانخفاض معدلات الوفيات.
وسوف تتطلب هذه الزيادة متطلبات إضافية من مرافق وقوى بشرية صحية تتواءم مع الاحتياجات السكانية، وبما يحافظ على معدلات الخدمة الصحية، وفي ظل هذا التوسع في الخدمات الصحية في المجتمع السعودي، وتزايد حجم الطلب عليها والارتفاع المتواصل في تكاليفها حدث شيء من الخلل في التوازن بين الموارد والتكاليف، الأمر الذي يتطلب دراسة بدائل أخرى للتمويل، فكان التأمين الصحي في مقدمتها.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى، وإلى اللقاء.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد