دور الجامعات في الثورة الصناعية الرابعة

 

 

تضطلع الجامعات على المستوى العالمي بدور حيوي مزدوج يتمثل في إنتاج المعرفة للصالح العام وتثقيف الجيل القادم، وهو الدور الذي لا تستطيع أي من المؤسسات الأخرى القيام به؛ لذلك على الجامعات أن تتبنى هذا الدور وتبدأ العمل به وفقاً لتلبية احتياجات المجتمع.

إن صعود تقنيات الجيل الرابع من الثورة الصناعية أدى إلى إحداث تغييرات سريعة في التفاعلات والعلاقات على المستوى الدولي، والجامعات لها دور أساسي في تحقيق وفهم هذه الثورة من خلال القيام بثلاث مهام رئيسية تكمن في: تطوير تقنيات جديدة، والفهم العميق لمسببات ومؤثرات هذه الثورة، وتعليم أجيال المستقبل بما يتناسب مع هذه التغيرات.  

الجامعات تلعب دوراً أساسياً في تنمية رأس المال الفكري وإنتاج المعرفة، فكثيراً ما تعمل هيئة التدريس في الجامعات على البحوث والقضايا الملحة في مجالات التخصص والخبرات العملية، في حين تقوم بتدريس وتعليم الطلبة على الأساليب اللازمة لإنتاج المعرفة وتطبيقها، وجميع الباحثين الجامعيين يلعبون دوراً مهماً في تحريك هذه الثورة وتحديد تأثيراتها ونتائجها.

وتكمن إسهامات الجامعات في هذه الثورة بطرق عديدة منها: البحث في التقنيات الرئيسية بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتكنولوجيا الحيوية والمجال السيبراني، وإجراء البحوث الأساسية اللازمة لفهم التكنولوجيا الجديدة والعلوم التطبيقية بهدف إدخال منتجات جديدة إلى السوق، إضافة لنقل تأثيرات وعواقب الثورة الصناعية للمجتمع والاقتصاد والسياسة.

إن الجامعات تعتبر أداة فعالة لتحفيز الأشخاص للعمل معاً ضمن فرق ومجموعات لتطوير التكنولوجيا الأساسية وتحديد تأثيراتها المحتملة على المجتمعات. كما أنها مسؤولة عن ربط الباحثين والطلبة بالشركاء الرئيسيين في القطاع الصناعي والحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية.

هنالك متسع للنمو في المستقبل؛ فمن خلال تثقيف الجيل القادم، يمكن للجامعات أن تحدد وترسم خارطة الطريق للتقنيات الحديثة التي يزمع رجال الأعمال والمهندسون والباحثون تطويرها في المستقبل وكيف يفكرون بها ومدى تأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

على سبيل المثال: كيف تم دمج أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الذكية والإنترنت الآن بشكلٍ كبير في حياتنا اليومية.

إن تقنيات ومبادئ الثورة الصناعية الرابعة ستغير حتماً أساليب التعليم في الجامعات، لذلك سيتعين على الجامعات البدء في إجراء التغييرات الضرورية التي ستعود بالفائدة على الطلبة والمؤسسات ذاتها.

ولا شك أن الجامعات لديها القدرات والإمكانيات اللازمة لتثقيف وتعليم وتدريب الطلبة والموظفين على مجموعة المهارات الضرورية للتكيف مع التغيرات الجديدة والقادمة، وتنظيم حلقات دراسية بحثية تعاونية تربط بين العلماء الأساسيين والعلماء الاجتماعيين والباحثين في العلوم الإنسانية؛ وإقامة شراكات تعاونية مع الصناعة والمجتمع للتشجيع على الابتكار.

كما يتعين على الجامعات توسيع نطاق التنسيق والتعاون فيما بينها بشكل أفضل، فكثيراً ما نجد هيئات التدريس معزولة داخل كلياتها الفردية وتخصصاتها الفرعية المحدودة؛ لذلك مع الطبيعة الشمولية والتكاملية والمجالات المتعددة والمتباينة للثورة الصناعية الرابعة، سيتحتم على الجامعات إزالة هذه الحواجز والعقبات والدفع للتعاون بين الأكاديميين والباحثين حسب الحاجة.

وأخيراً، يجب تثقيف المجتمعات بشأن هذا الجيل الجديد من الثورة الصناعية والتأثيرات المتوقعة جراء التغييرات والتطورات التكنولوجية المتسارعة، ويمكن للجامعات تحقيق ذلك من خلال تثقيف المجتمع بطرق سهلة عن مجال عملها في منصات شعبية، مثل الإنترنت والتلفاز والصحف والبودكاست.

الخلاصة؛ ليس هنالك وصفة سحرية أو إجراء وحيد يكفي لتحقيق الهدف المنشود، ولكن كل شخص في المجتمع عليه مسؤولية ليساعد الجامعات على تبني دورها الحيوي في تشكيل هوية ومخرجات الجيل الرابع من الثورة الصناعية.

د. وليد بن عبدالرزاق الحنيطي

وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA