حصل جدل وردود أفعال متباينة في المجتمع السعودي حول تطبيق نظام التأمين الصحي في المجتمع، ولعل أهم الأسباب تعود إلى بعض المحاذير والتخوف من هذا النظام، نذكر منها على سبيل المثال: من الناحية العملية التطبيقية لا توجد في المملكة حالياً سوى عدد محدود من شركات التأمين، مقارنة بحجم المسؤولية، ويخشى من عدم المساواة بين مناطق المملكة، حيث يحصل مريض في منطقة معينة على خدمات متطورة تتمثل في مستشفيات حديثة كبيرة بينما يحصل مريض آخر في منطقة أخرى على خدمات صحية في مستوصفات أو مستشفيات صغيرة رغم أن قيمة التأمين التي يدفعها كل منهما واحدة، وقد يؤدي التأمين الصحي إلى ارتفاع أسعار الخدمات الصحية ومغالاة القطاع الخاص في أسعار خدماته نظراً لزيادة الطلب على خدماته. كما قد يؤدي التطبيق الطوعي للتأمين الصحي إلى عدم شمولية التطبيق على جميع شرائح وفئات المجتمع السعودي من موظفي الدولة وموظفي قطاع خاص، متقاعدين، ومن يملكون متجراً خاصاً، والطلاب، والعاطلين عن العمل وهكذا.
ومن الناحية الشرعية الدينية، فقد أصدر مجلس الفقه الإسلامي الدولي في دورته السادسة عشرة قراراً بشأن حكم التأمين الصحي جاء فيه «أن التأمين الصحي إذا كان مباشراً مع المؤسسة العلاجية فإنه جائز شرعاً، أو أن يكون التأمين الصحي عن طريق شركة تأمين إسلامي تزاول نشاطها وفق الضوابط الشرعية، وإذا كان التأمين الصحي عن طريق شركة تأمين تجاري فهو غير جائز».
الشيخ «ع . م» يرى أن «التأمين ليس تبرعاً وإنما يحصل فيه بصفة عامة تعاون غير مقصود، ولا يختلف في ذلك التأمين التعاوني والتجاري، فشركات التأمين قائمة على الإلزام والالتزام بالحقوق والواجبات، وأن القول إن التأمين التجاري يشتمل على الربا والقمار والغرر والجهالة والتأمين التعاوني لا يشتمل على ذلك فهو قول غير دقيق، بل يمكن القول إن التأمين التعاوني يسلك هذا المسلك حذو القذة بالقذة، وإذا اشتمل التأمين على صفة واحدة من تلك الصفات لا نعلم خلافاً في بطلانه».
أما الشيخ «ع . ع» فيرى «أن عقد التأمين الذي حدث في هذا الزمن مسألة عصرية حادثة ونازلة جديدة، وأصبحت الحاجة إليه ملحة، وقد بحث عدد من العُلماء هذه المسألة بحثاً دقيقاً وأفتوا بجواز هذا العقد لأدلة أوضحوها في كتبهم، ومن هؤلاء العلماء الشيخ عبدالله بن محمود رئيس محاكم قطر والشؤون الدينية سابقاً رحمه الله، ومنهم فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله، وقد أفتيت بالجواز منذ زمن طويل».
الجدير بالذكر هناك دراسة تحليلية سابقة أجريناها بعنوان «التأمين الصحي في المجتمع السعودي - دراسة تحليلية لمضمون ردود الأفعال»، حيث تم جمع البيانات خلال الفترة ما بين 9-16/5/2017، وتمثل مجتمع البحث في أحد المنتديات الإلكترونية الخاصة بالأسهم في السوق السعودية، ونظراً لصغر حجم عينة الدراسة فقد استخدم الباحث الحصر الشامل لجميع المشاركين في المتندى المختار، حيث شملت ردود الأفعال تجاه شيخين لهما نفس الرأي بجواز تطبيق التأمين الصحي في المجتمع السعودي، وقد تم التحفظ على أسماء الشيخين والاستعاضة بالحرف الأول والأخير لهما، كمبدأ أخلاقي في البحث العلمي، وللحديث بقية إن شاء الله تعالى، وإلى اللقاء.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد