حياة في العمادة

استلهمت عنوان هذه المقالة من كتاب «حياة في الإدارة» للمرحوم معالي الدكتور غازي القصيبي، لأسرد لكم أيها الأعزاء ما تم إنجازه في عمادة شؤون أعضاء هيئة التدريس والموظفين من جهود الزملاء كافة خلال فترة تكليفي بها عميداً طيلة ست سنوات ونيف.

في البداية أحب أن أسطر أسمي آيات الشكر والتقدير لقيادة الجامعة وعلى رأسهم معالي مدير الجامعة وكافة وكلاء الجامعة الذين كانوا سنداً لي في أداء عملي، فمنهم تعلمت الكثير، وأجزل الشكر أهديه لكافة الزملاء والزميلات الذين عملت معهم، فقد أثبت معظمهم حبه للخير وتقديم المساعدة لمنسوبي الجامعة كافة.

هناك بعضٌ منهم للأسف ليس على هذا النهج، ولكن هذه سنة الحياة إذ لا يمكن أن تجد جميع أعضاء الفريق على قلب واحد! ولا يفوتني ان أتقدم بجزيل الشكر لأخي أ. د. عمر باهمام وكيل العمادة للتخطيط والجودة الذي كان سنداً لي ومستشاراً نصوحاً ورجلاً مخلصاً ومتفانياً طيلة فترة بقائه في العمادة.

حاولت جاهداً أن يكون الانضباط سمة للعمادة، فقد أدخلت العمادة نظام البصمة الإلكترونية الذي لاقى عدة اعتراضات أهمها أنه لم يطبق في إدارات الجامعة الأخرى، وحمداً لله ما هي إلا فترة وجيزة حتى عممت الجامعة نظام البصمة على كافة الجهات.

يقول د. غازي القصيبي رحمه الله: «لا يمكن لأي مؤسسة إدارية، كبيرة أو صغيرة، أن تعمل بلا انضباط، والحد الأدنى من الانضباط هو الوصول إلى المكاتب مع بداية الدوام والبقاء فيها حتى نهايته».

يتقاطع عمل العمادة مع كافة جهات الجامعة، وهنا مكمن الأهمية والخطر في نفس الوقت، سعت العمادة ممثلة في إدارة الخدمات الإلكترونية أن تقدم حزمة من البرامج الإلكترونية التي تسهل الإجراءات وتسرعها وتوفر على منسوبي الجامعة عناء المراجعة المباشرة.

ومن أهم التجارب التي تعلمت منها الكثير، أن رضا الناس غاية لا تدرك، فكثير من الزملاء سواء كانوا أعضاء هيئة تدريس أو موظفين، يرغبون في إتمام معاملاتهم بأسرع وقت ممكن حتى ولو كان هناك نواقص أو مخالفات، وأحمد الله أنني كنت حريصاً كل الحرص على تطبيق النظام حتى ولو كان على نفسي.

من أسوأ الصفات أن تكيل بمكيالين أو أن تنحاز لفئة دون أخرى، وقد تعلمت أن لا أصدر حكماً متسرعاً على شكوى تقدم بها صاحب حاجة، فمن الضروري الاستماع لوجهة النظر الأخرى، وللأسف اكتشفت أن بعضاً منا يزيف الواقع!

اكتشفت أيضاً ولكن بعد برهة قصيرة من انتهاء تكليفي بالعمل، تناقص الذين كانوا يتصنعون الصداقة ويحسبون أنفسهم أصدقاء، وهم حتماً ليسوا كذلك. يقول غازي القصيبي: «الأصدقاء الحقيقيون لا يجيئون مع المنصب ولا يذهبون بذهابه». الحقيقة بالنسبة لي أنني تعرفت على رجال في العمادة وفي الجامعة بقوا أوفياءً للصداقة، فهم حقاً أصدقاء.

حرصت وبتعاون من الزملاء في العمادة ومباركة وتشجيع وموافقة معالي مدير الجامعة على أن تتبنى العمادة جائزة سنوية أطلق عليها اسم «جائزة الموظف المثالي - تقدير»، وفعلاً تم إطلاق الجائزة في دورتها الأولى بتاريخ 26 جمادى الآخرة 1435هـ، وأنشأت العمادة وبكل فخر وحدة خدمات منسوبي الجامعة التي دشنها معالي مدير الجامعة بتاريخ 15 / 4 / 1434هـ، وبتاريخ 4/2/1434هـ أطلقت العمادة بالتعاون مع عمادة التعاملات الإلكترونية موقع «برنامج عالم جديد» الإلكتروني الذي يعنى بمبتعثي الجامعة في الجامعات المتميزة، وفي شهر رجب من عام 1435هـ أنشأت العمادة وحدة المتقاعدين من أعضاء هيئة التدريس والموظفين «انتماء» والتي تخدم جميع منسوبي الجامعة المتقاعدين.

يقول المرحوم غازي القصيبي: «على القائد الإداري أن لا يتردد في اتخاذ القرارات الضرورية، حتى ولو كانت مؤلمة». وأتذكر أنني اتخذت قراراً بتغيير موقع أحد الموظفين لمصلحة العمل، إلا أن القرار قوبل بالامتعاض من قبل زميلنا المعني، فقلت له حينها: يجب أن نفرق بين الصداقة والعمل. وأذكر هنا مقولة لغازي القصيبي: «تضطرب الأمور عندما تتداخل علاقات «الشلة» بعلاقات العمل»، إذ لا شيء يقتل الكفاءة الإدارية مثل تحول أصحاب «الشلة» إلى زملاء عمل.

وحيث إن الاعتراف بالخطأ فضيلة، فها أنا أسجل بعض القصور والمحاولات الخاطئة التي تمت، فقد حاولت العمادة أن تفتح فروعاً صغيرة لها في جهات الجامعة المختلفة وخاصة البعيدة، وذلك من أجل أن تصل إلى المستفيد، وكُتب لهذه المحاولة النجاح في إدارة المشاريع بالجامعة والفشل في كلية العمارة والتخطيط.

كنت مقصراً في أمور كثيرة، أهمها تقصيري في دعم الابتعاث والتدريب للموظفين، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لدعمت بقوة ـ وفق المتاح والممكن ـ ابتعاث الموظفين الذين تنطبق عليهم الشروط لمواصلة تعليمهم.

لم أستطع ـ للأسف ـ أن أطبق مفهوم الساعات المرنة أو الدوام الحر، والسبب في ذلك أننا نصطدم بأنظمة وزارة الخدمة المدنية التي لا تعطي الجهات الحرية في التصرف.

شكرًا لكم من الأعماق، فخدمة الجامعة ومنسوبيها شرف سنحت لي الظروف أن أحظى به، ودمتم بود.

أ. د. سعد بن ناصر الحسين

قسم الجغرافيا – كلية الآداب

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA