العديد من المنظمات والهيئات الدولية والجمعيات التعاونية تحذر بشكل مستمر من خطورة زيادة الوزن والسُمنة على أفراد المجتمع وخاصة الناشئة، في المقابل نلاحظ تساهلاً وعدم مراقبة بجدية على المؤسسات والشركات التجارية التي تروج المشروبات السكرية والوجبات السريعة الغنية بالدهون، أضف إلى ذلك انتشار محلات العطارة والأعشاب بشكل كبير، والتي تدعي خفض الوزن ومحاربة السُمنة في أسرع وقت من غير دليل علمي.
في دراسة أجريتها عام 2016 بعنوان «نمط الحياة وعلاقته بزيادة الوزن والسُمنة» على عينة من طلاب المرحلة الثانوية بمدينة الرياض، المقيدين في سجلات الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الرياض للعام الدراسي 1435/1436 - 2014/2015، كان من ضمن أهم النتائج معرفة وجهة نظر الطلاب في بعض العوامل التي يمكن أن تساعد في معالجة السُمنة.
حيث تم وضع مجموعة من العوامل مرتبة تصاعدياً من 1 إلى 6، تبين من خلالها أن الذين يرون أهمية التشجيع على رياضة المشي بأمان، ومزاولة الرياضة فعلياً وليس مشاهدتها، احتلا المرتبة الأولى، والذين يرون أهمية زيادة تناول الفواكه والخضروات والبقول جاء في المرتبة الثانية، والذين يرون أهمية التقليل من تناول السكريات والحلويات جاء في المترتبة الثالثة.
أما الذين يرون أهمية التشجيع على ركوب الدراجة بأمان، وأهمية وجود حدائق عامة بالقرب من المنزل فقد تساوى متوسط مجموع إجابات عينة الدراسة، واحتلا المرتبة الرابعة، والذين يرون أهمية تعزيز الأنشطة الطلابية في المدارس فقد جاء في المرتبة الخامسة، وفي آخر هذه العوامل جاء كل من أهمية التقليل من ساعات مشاهدة التلفزيون والإنترنت، والحد من إعلانات الوجبات السريعة حيث احتلا المراتبة السادسة.
وقد استنتج الباحث أن ارتفاع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة له علاقة بزيادة الوزن والسمنة، وأن من لديه زيادة وزن أو سُمنة من الطلاب كان أقل مشاركة في ممارسة الأنشطة البدنية سواءً في المنزل أو المدرسة أو الحي، وأكثر مشاركة مع الأسرة في حضور المناسبات الاجتماعية، وأقل استهلاكاً للوجبات الغنية بالدهون، وأكثر وعياً بمشكلة زيادة الوزن والسُمنة «الدراسة في مكتبة الملك فهد الوطنية».
بكل الأحوال، لن تفلح السياسات والاستراتيجيات في الوصول إلى الغاية المنشودة منها، وهي الحد من ظاهرة السُمنة، إلا من خلال تضافر جهود الجميع، ووضع خطة عمل تشمل فئات المجتمع بمختلف أعمارهم وخلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية مع التركيز على فئات الأطفال واليافعين والشباب، وإشراك القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية في إعداد وتنفيذ النشاطات والبرامج المختلفة.
وعلى وزارة الصحة أن تتحمل المسؤولية الأساسية في التنسيق والإشراف على تطبيق برامج وخطط هذه السياسات والاستراتيجيات، مع الوضع في الاعتبار تشكيل لجنة وطنية يرأسها شخص ذو سلطة تنفيذية مثل وزير الصحة أو من ينوب عنه، وتضم في عضويتها ممثلين من جميع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، وممثلين من القطاع الخاص والجمعيات الخيرية التي لها علاقة بالسُمنة.
أخيراً، لا شك أن ظاهرة السُمنة وأسبابها وطرق علاجها في المجتمع بحاجة ماسة إلى مزيد من البحث والتقصي، وأن تدرس هذه الظاهرة في سياقها الاجتماعي والتاريخي من خلال مجهود علمي مؤسسي، نأمل أن يكون ذلك قريباً، وإلى اللقاء.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد