وداعاً جامعتي

ربما تهب العواصف بما لا تشتهي السفن, وربما يشتد الألم عند الفراق, وقد تثور العواطف وتتدافع الذكريات, وخاصة عندما تقول وداعاً لقريب أو حبيب أو صديق أو لبيئة علمية أحببتها وقضيت فيها جلّ حياتك المهنية بما فيها من أحبة وزملاء وأصدقاء وذكريات عمل دؤوب.

نعم وداعاً جامعتي العريقة, جامعة الملك سعود, عملت فيها باسمين مختلفين, جامعة الرياض, ثم جامعة الملك سعود, فالأول اسم لمدينة حديثة يمكن وصفها بجوهرة الصحراء, أما الاسم الثاني فلشخصية عريقة كريمة نالت شرف القيادة في البلاد بعد وفاة القائد المؤسس رحمهما الله, وكلاهما فخر لجامعتي، جامعة الجميع.

في تلك الفترة التي امتدت لأربعين عاماً أو تزيد، تشرفت بالعمل مع زملاء كرام على مختلف المستويات, كما شرفتُ بالعمل عن قرب مع شخصيتين قياديتين راقيين في تعاملهما وجادين في أداء مهامهما بإخلاص وتفانٍ, هما معالي الأستاذ الدكتور عبدالله الفيصل, ومعالي الأستاذ الدكتور عبدالله العثمان؛ عملت مع الأول في عدة لجان دائمة على مستوى الجامعة, ومع الثاني في لجنة الحكماء الخاصة باختيار عمداء الكليات, فلهما من الشكر أطيبه ومن التقدير أسماه.

وحظيت بعضوية المجلس العلمي بالجامعة لفترتين, وبعضوية المجلس العلمي بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز لفترتين, وعضوية اللجنة العلمية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عدة سنوات, وعملتُ مستشاراً غير متفرغ في وكالة وزارة التعليم العالي, وفي شركة أسبار للدراسات والبحوث والإعلام, وفي وكالة جامعة الملك سعود للدراسات والتطوير والمتابعة.

وتمثل أبرز الإنتاج العلمي في إنجاز واحد وعشرين بحثاً محكماً ومنشوراً وثلاثة كتب, وستة بحوث مدعومة غير منشورة, وشاركت في عدة مؤتمرات وندوات داخلياً وخارجياً, وعضو في تحرير مجلتين علميتين في الكلية ومقرراً لأحدهما لعدة سنوات, وساهمتُ في لجان فاعلة على مستوى القسم والكلية, وأشرفتُ على سبع وثلاثين رسالة ماجستير ودكتوراه, وناقشتُ سبعاً وستين رسالة ماجستير ودكتوراه في جامعات المملكة.

ولا شك دار في تلك الأنشطة - على مختلف المستويات - تباين في وجهات النظر, ربما تصارعت فيها الرؤى لتوليد أفكار مبدعة, قد تؤخذ على أنها شخصية, ولكن يعلم الله أني لا أحمل حقداً على أحد, وبهذه المناسبة سامح الله الجميع وعفا عنهم, وأطلب كرم سماحتهم وعفوهم إن حصل سوء فهم.

أما الطلبة الذين تشرفت بتدريسهم أو الإشراف على رسائلهم أو مناقشتها, فالجميع مصدر فخري واعتزازي, فمنهم مَن أصبح زملاء ومنهم قادة فاعلون في مواقع أعمالهم لخدمة الوطن، أما الطلبة الذين ما زالوا يطلبون الإشراف على أطروحاتهم ويلحون على استمراري في العمل, فأعتذر منهم, ولعل في الزملاء الكرام البركة, وعلى كل حال حان الوقت للشعور بحرية الحركة وبداية حياة أخرى جديدة, سائلاً الله للجميع التوفيق.

 

أ. د. علي بن سعد محمد آل هزاع القرني               

كلية التربية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA