التدخين في عمر العشرين

منذ أن تم اكتشاف هذا السم على يد الهنود الحمر بعد ما اكتشف كريستوفر كولومبس العالم الجديد في 1492م إلى أن أصبح رائجًا في القرن السابع عشر في أوروبا، وصولاً إلى مارلبورو أشهر شركة تبيع هذا السم في العالم عندما قدمها فيليب موريس مارلبورو في الثلث الأول من القرن العشرين حتى عام 1942م لتظهر أول الدراسات حول خطورة هذا المنتج لتبدأ من هنا رحلة الكفاح الإعلامية ضد هذا السم، فلم تبق منظمة عالمية أو جمعية خيرية أو مبادرات شبابية أو حملات توعوية وبرامج تلفزيونية والتي قامت بإنفاق الكثير من المال في سبيل التحذير من خطورة هذا السم الخبيث الذي انتشر انتشارًا واسعًا حول العالم.  

أما في نجد فقد دخل هذا السم عن طريق التجار الذين يمرون بنجد في تلك الفترة والحجاج الذين يأتون لتأدية مناسك الحج والعمرة والمهاجرين من وإلى دول الخليج، ولعلي أستشهد بوثيقة أصدرها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله، تدعو إلى محاربة هذا السم ومعاقبة مروجيه. كما أن المجتمع السعودي في تلك الفترة كان واعياً بخطورة هذا السم الذي قد يؤثر سلباً على المجتمع، الأمر الذي دفعهم للتشهير بمن يروج له ومقاطعته بل ونفيه في بعض الأحيان.

أذكر أن الشاعر بندر بن سرور - رحمه الله - كان من أشهر مروجي هذا السم في تلك الفترة، حيث إنه كان يأتي بهذا السم من دول الخليج والعراق ويدخله إلى المملكة مخترقًا الحدود، كما أنه معروف لدى السطات الأمنية في ذلك الوقت ولديه العديد من القصائد التي تحكي ما كان يفعله هو ومن كانوا معه وطرق جلبهم لهذا السم.

ولعلنا نستنتج أن الحكومة السعودية كانت مشددة على منع انشار هذا السم بين أوساط المجتمع السعودي، ومن ذلك الوقت إلى رفع سعر هذا السم في وقتنا الحاضر في عام 2018 بعد ما تم السماح بمداولته، وما زال بعض شبابنا يتعاطى هذا السم، متجاهلين النصائح التي تقدم حوله.

لا أعلم ما السر الذي يربط بعض الشباب للبدء بالتدخين عند وصولهم المرحلة الجامعية، هل ينقص الوعي لدى بعضهم أم الأمر متعلق بأن المرحلة الجامعية تعبر عن الرجولة وتحمل المسؤولية، والتدخين يكون علامة على ذلك، مع العلم أن فيليب موريس عندما قدم هذا السم كمنتج في السوق قدمه مستهدفًا النساء به وأن السيجارة كانت دليلاً على أناقة الأنثى.

وعلى الصعيد الشخصي للمدخن  فغالبًا يكون الشخص المدخن منبوذاً في الأماكن العامة مما يضطره لأن يذهب إلى زاوية أو خلف حاوية نفايات لكي ينهي سيجارته السامة، وما يستفيد بعد ذلك إلا الخسارة المادية والصحية والنفسية، ولعلي أشير إلى نقطة مهمة وهي أن بعض العائلات يكفيها معرفة أن الشخص المتقدم مدخن ليتم رفضة بناءً على ما قد يفعله من سلوكيات نفسية بسبب هذا السم.

وختاماً أتساءل: إذا كانت هذه بعض ما ينتج عن استخدامه فلماذا الاستمرار به، ولو كان هذا السم أفضل من العود لتسابق الناس على تقديمه، فالعود والسيجارة لديهما صفة الاحتراق لكن الأول تخرج منه رائحة طيبة والآخر تخرج منه رائحة خبيثة، وفي نهاية المطاف أخي المدخن أنت الحكم.

عبدالملك محمد القباع

الحقوق والعلوم السياسية 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA