قرأت لك

مستقبل اللغة العربية
د. أحمد بن محمد الضبيب

يُعَدُّ موضوع مستقبل اللغة من أهم موضوعات علم اللغة الاجتماعي التي تقيس حياة اللغات، وحركتها بين الناس، وانتشارها أو ضمورها، وانكماشها، أو موتها واندثارها، ويقوم هذا العلم بدراسة العوامل والمؤثرات التي تعتري اللغةَ؛ فتزيد في انتشارها أو تسهم في موتها.

استفحال التأثير العولمي

يعد هذا الكتاب محاولة لتطبيق بعض المعايير التي يستعملها علم اللغة الاجتماعي على اللغة العربية، من خلال استعراض مسيرة اللغة العربية عبر تاريخها الطويل في العصور المختلفة، وما واجهته في أثنائها من تقلبات.

وقد تساءل المؤلف عن استفحال التأثير العولمي اللغوي، وهل يعني اغتيال اللغة العربية مستقبلًا واختفاءها من الوجود، أم أن الفرصة لاتزال سانحة للغة العربية الفصيحة كي تثبت أقدامها وتنطلق في صراعها الدائم مع العامية واللغات الأجنبية؟!

مسيرة اللغة العربية

كما تطرق الكتاب إلى موضوع مسيرة اللغة العربية وقسَّمها إلى أحقاب؛ منها القديمة وهي مرحلة النقوش التي لا تحمل نصوصًا أدبية ولا تفيد كثيرًا في التعرف على الأداء الفعلي للغة غير أنها تعطي مؤشرات على موقع اللغة العربية بين أخواتها الساميات، والحقبة الجاهلية وهي التي وصلتنا منها نصوص عربية شعرية في الغالب وكانت لغة ناضجة، والحقبة الإسلامية بعد نزول القرآن الكريم الذي يُعَدُّ أعظم حدث في تاريخ هذه اللغة؛ إذْ جعل منها لغةً مقدسةً، وبهذا انتقلت من كونها لغة للعرب إلى لغة للمسلمين جميعًا، وكانت الحقبة الرابعة بعد سقوط بغداد 656هـ على أثر غزو التتار، وما تلاها إلى عصر العولمة، حيث انهارت الحواجز بين الأمم، وتحرّك البشر والمعلومات دون حدود.

الاتصال اللغوي

في موضوع الاتصال اللغوي تحدث عن نوعي الاتصال؛ الأول الانتقال اللغوي، وهو المستوى الذي تتساوى فيه أهمية اللغتين عند المستخدِم، في مجتمع تسود به لغة غازية أو ذات نفوذ، والثاني هو التحول اللغوي وهو الانصراف إلى اللغة الأخرى.

وعند تناوله لمسألة موت اللغة، ذكر أنه يأتي بعد مرحلة التحول اللغوي، وله عدة صور منها: الانقراض، الموت التدريجي، الموت بالامتصاص اللغوي.

وفي موضوع مستقبل اللغة العربية في الفكر المعاصر، بدأ الحديث عن مستقبل اللغة العربية في العصر الحديث، وأورد استفتاء أجرته مجلة الهلال المصرية عام 1919م، واستعرض إجابات العلماء والأدباء والمستشرقين الذين شاركوا في ذلك الاستفتاء.

عوامل ومؤشرات

ومن حيث العوامل والمؤشرات، أكد أن مستقبل اللغة العربية يعتمد أولًا وأخيرًا على سلوك أهلها واهتمامهم بها، ودرجة الوعي اللغوي لدى كل فرد منهم، ويزيد من صعوبة التنبؤ بمستقبلها أنها لغة لا يتحدثها الناس فيما بينهم في حياتهم اليومية، وانما هي لغة قياسية، تُستخدَم في فنون الإبداع والشؤون الرسمية، والتبليغ العام على مستوى الأمة، وهي بذلك الوسيلة الوحيدة التي تربط بين أبناء الشعوب العربية.

وذكر أن من عوامل تقوية اللغة، ارتباطها بالقران الكريم، وعدد المتحدثين بها البالغ 367 مليون نسمة عام 2011م، والتراث الحضاري، والوحدة العربية الثقافية، والتأثير الاقتصادي، والانتشار العالمي، والانتشار الفضائي والشبكي.

عوامل الضعف

كما عدد عوامل إضعاف اللغة العربية ومنها: انخفاض الوعي القومي، والانبهار باللغات الأجنبية، والارتباك في تعليم اللغة العربية، وتأثير المدارس الأجنبية، وغياب السياسة اللغوية.

وختم بموضوع “ماذا عن المستقبل؟” وأجاب بأن النظرة المستقبلية للغة العربية لابد أن تعتمد على ما يظهر لدينا من معطيات، ومن العجيب أن عوامل التقوية في اللغة كانت كفيلة بجعل اللغة العربية في وضع أفضل مما هي عليه الآن، ولكن هذه العوامل – مع الأسف – في حالة خمول أو جمود.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA