تعد تقنية النانو «Nanotechnology» مجالاً علمياً ناشئاً يهتم بدراسة المادة وتحليلها ضمن أبعاد النانومتر، ولها العديد من التطبيقات الهامة في جميع نواحي الحياة، وقد سميت الروبوتات النانومترية المصغرة بهذا الاسم كونها مؤلفة من مكونات تقاس أبعادها بالنانومتر، بينما تتراوح أبعاد هذه الروبوتات من 0.1 إلى 10 مايكرومتر.
لقد وضع العلماء تصورين من أجل المساهمة في إطالة أعمار الناس والحد من نسبة الوفيات؛ التصور الأول من خلال المساعدة على القضاء على الأمراض الشائعة التي تهدد الحياة مثل السرطان وأمراض القلب والسكري، والتصور الآخر هو من خلال إصلاح الأضرار التي لحقت بالجسم على المستوى الخلوي عن طريق الروبوتات النانومترية المصغرة.
يعمل العلماء حاليًا على تطوير وسائل تقديم العلاج الكيميائي «Chemotherapy» للعديد من الأمراض من خلال الروبوتات النانومترية المصغرة؛ لأن تقديم العلاج الكيميائي بالطرق التقليدية له آثار جانبية ضارة تؤدي إلى إضعاف المناعة، والسبب في ذلك يعود إلى أن الطرق التقليدية المستخدمة لإيصال العلاج الكيميائي لا تقوم بإيصال العلاج الكيميائي المطلوب إلى الخلايا المستهدفة بشكل دقيق.
يمكن أن تستخدم الروبوتات النانومترية المصغرة لاستئصال الأورام الخبيثة، كما يمكن استخدامها لإجراء عمليات الجراحة الخاصة بإزالة الجلطات في الأوعية الدموية المسببة للجلطة القلبية «Heart Attack».
ولكن كيف يتم استخدام هذه الروبوتات النانومترية المصغرة لإجراء العمليات الجراحية الدقيقة من أجل إزالة الجلطة «الانسداد» داخل الأوعية الدموية؟
في البداية يتم حقن هذه الروبوتات المصغرة داخل الجسم عن طريق الشريان الفخذي في الساق، ويتم استغلال نظام الدورة الدموية «Circulatory System» من أجل تنقل هذه الروبوتات المصغرة داخل الجسم، ويتم قيادتها إلى موقع الانسداد داخل الأوعية الدموية عن طريق حساس طويل المدى، وعندما يتم تحديد موقع الانسداد يتم تفتيته إلى جزيئات صغيرة عن طريق أداة حفر ألماسيّة «Diamond-Chipped Burr» وإبرة دوّارة «Rotating Needle».
بعد قيام هذه الروبوتات المصغرة بإزالة الانسداد داخل الأوعية الدموية المستهدفة فإنه يجب إخراجها من الجسم، ويتم ذلك عن طريق توجيهها باستخدام حقل مغناطيسي إلى أحد الأوعية الدموية لترتكز عليه بحيث يكون من السهل الولوج إليه من الخارج، ثم يتم تنفيذ عملية جراحية بسيطة من أجل إخراج هذه الروبوتات المصغرة من الجسم.
من إيجابيات هذه الروبوتات أنها تتميز بحجم مجهري صغير يمكّنها من تأدية العمليات الجراحية بسرعة ودقة وفعالية عالية ولها آثار جانبية أقل بكثير من العمليات الجراحية التقليدية، كما أنها تسهم بتشخيص سريع ودقيق للعديد من الأمراض الشائعة كالجلطة القلبية والسرطان والسكري.
من ناحية أخرى فإن هذه الروبوتات المصغرة لها بعض السلبيات، من أهمها التصميم المعقد والتكلفة العالية، بالإضافة إلى صعوبة برمجتها، كما أنه في حال فقدان السيطرة عليها فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج خطيرة.
في الختام يمكننا القول إنه مهما كان الأخصّائي الطبي ماهرًا وعلى درجة عالية من الخبرة والتدريب، فإن الجراحة تبقى عملاً حسّاسًا وخطيرًا، وبالتالي فإن الروبوتات النانومترية المصغرة تبقى الوسيلة الأكثر أمانًا وسرعة ودقة لإجراء العمليات الجراحية الدقيقة، ومن المتوقع أن تؤتي هذه التكنولوجيا المتقدمة أولى ثمارها في وقت مبكر بعد عام 2020م من أجل المساهمة في إنقاذ حياة الملايين من الناس.
محمود سعيد الأحمد العلي
كلية الهندسة
إضافة تعليق جديد