آفاق أكاديمية

فاتورة باهظة

كتب أحد الأساتذة الجامعيين في جامعة «كيب تاون» بجنوب أفريقيا لطلابه على مدخل الكلية الكلمة التالية:

«إن تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى، ولكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم وتشويه قيمة ومكانة المعلم والسماح للطلبة بالغش ..
عندئذ سوف يموت المريض على يد طبيب نجح بالغش!!
وتنهار البيوت على يد مهندس نجح بالغش!!
ونخسر الأموال على يد محاسب نجح بالغش!!
ويموت العدل على يد قاض نجح بالغش!!
ويشوه الدين على يد شيخ نجح بالغش!!
ويتفشى الجهل في عقول الأبناء على يد معلم نجح بالغش!!»

بدوره أجرى ميشال سيغان أستاذ بجامعة «كيبك» الكندية، دراسة لمعرفة أسباب الغشّ عند الطلبة، وأظهرت الدراسة – وفق ما ذكرته جريدة «لوفيغارو» - أن طالباً من اثنين اعترف بقيامه بالغش في مرحلة من مراحل دراسته. وأثبتت الدراسة أن الذكور يغشون أكثر من الإناث بنسبة 52.2٪ مقابل 47.8٪. كما بينت نفس الدراسة أن طلبة العلوم أكثر غشّاً من طلبة الفنون الجميلة.

وقد أنشأت جامعة «كيبك» موقعاً على شبكة «الإنترنت» أكدت فيه أن تسامح الجامعة مع الغش نسبته صفر، ويعطي المشرفون على الموقع نصائح للطلبة مع تذكيرهم بالقوانين الصارمة التي تعتمدها الجامعة لمعاقبة كل طالب أو طالبة يتعمد الغش، ويعطي الموقع معلومات شاملة، وإضافية عن كل أنواع الغش في الامتحانات أو السرقة عند إعداد الرسائل الجامعية.  وفي فرنسا أنجز باسكال جيبار وكريستوف ميشو دراسة مماثلة على عينة من الطلبة اعترف 70 في المائة منهم أنهم قاموا في فترة من دراستهم بعملية غش، وقرابة 12 في المائة أقروا بأنهم قاموا بالغش في الجامعة، وأثبتت الدراسة نفسها - على غرار الدراسة الكندية – أن نسبة الذكور أكبر من نسبة الإناث في عمليات الغش، وأن طلبة العلوم هم أكثر غشاً من طلبة الاختصاصات الأخرى.

وقد جاءت شريعة الاسلام بتعزيز القيم الكريمة ومحاربة الرذائل ومنها الغش، وفي هذا ينبه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله إلى أن: الغش محرم في الاختبارات، كما أنه محرم في المعاملات، فليس لأحد أن يغش في الاختبارات في أية مادة، وإذا رضي الأستاذ بذلك فهو شريكُه في الإثم والخيانة. «مجموع فتاوى ابن باز - جـ 24 - صـ 61».

إن الفاتورة التي يدفعها المجتمع مقابل السماح بالغش وانتشاره بين طلاب المدارس والجامعات باهظة للغاية، ولا يمكن لأي مجتمع أو أمة أن تتقبل ذلك أو تسمح به أو تستسيغه أو تتغاضى عنه. كما لا يمكن لأي عاقل وحريص على نفسه ومجتمعه ووطنه أن يسمح أو يرضى بذلك، ناهيك عن حرمة الغش شرعاً وعرفاً وخلقاً، واستنكاره واستهجانه لدى العامة والخاصة.

عندما تحترم نفسك عزيزي الطالب وتحترم من حولك وتتقي ربك وتأخذ الأمور بجدية وتنظر للمستقبل نظرة إيجابية، فلن ترضى بالغش ولن تسمح لنفسك بممارسة هذا الفعل المشين والمستهجن، بل قد يؤنبك ضميرك لمجرد التفكير بذلك، وستنظر لمن يمارس الغش نظرة استنكار واحتقار، لذلك تعالوا نتعاهد جميعاً على تجديد الخوف من الله وتجنب الغش كيلا نكون معول هدم للوطن والمجتمع!
د. عادل المكينزي
makinzyadel@ksu.edu.sa

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA